تكسير الانطباعات الخاطئة؟
تم نشره الثلاثاء 05 نيسان / أبريل 2011 01:46 صباحاً

محمد أبو رمان
في الوقت الذي يجدر بنا أن نقفز عن صفحة الجمعة الأليمة 25 آذار (مارس)، وما تلاها من تهييج واهتياج ضد المطالبين بالإصلاح السياسي، فإنّنا معنيون بقراءة ما حدث واستنباط نتائجه ودلالاته السياسية والاجتماعية.
بالضرورة، كانت هنالك حَملة مقصودة ومدروسة للعب على الهواجس وتحريك "الشارع العشائري" ضد المعارضة وشيطنة حركة "24 آذار" تحديداً. لكن ذلك لا ينفي أنّ هنالك "تُربةً خصبة" لتلك النداءات العنصرية والإقليمية، ما جعلها تنجح بصورة فورية وسريعة. فبمجرد العزف على هذا الوتر انفجرت الهواجس والمخاوف والمشاعر المحتقنة، وبرزت بصورة "عُصابية".
بدا من الواضح تماماً أنّ هنالك انطباعاً لدى شريحة واسعة في المحافظات أنّ الإصلاح السياسي يخدم شريحة دون الأخرى، وأنّه سيكون على حسابهم وضد مكتسباتهم السياسية. ما يعني أنّهم بعد أن تراجعوا اقتصادياً، من خلال الترهل في القطاع العام والخصخصة وبيع ممتلكات الدولة، مهددون بخسارة امتيازاتهم السياسية.
ذلك بالرغم من الضغوط الاقتصادية الشديدة التي يتعرض لها سكان المحافظات وأبناء العشائر، وعدم قدرتهم على الاندماج في المعادلات الجديدة، التي تعتمد على القطاع الخاص والعلاقة التعاقدية مع الدولة، وعدم وصولهم إلى التكيف مع التحولات الاقتصادية، ومع شعورهم بالغضب الشديد من تنامي الفساد والشعور بالقلق على موارد الدولة وأملاكها.
من هذه الزاوية، تحديداً، فإنّ هنالك أولوية قصوى لتكسير الانطباعات الخاطئة وتغييرها، لدى هذه الشريحة الاجتماعية الواسعة، بتغيير قناعاتها نحو أنّ الإصلاح السياسي ليس لمصلحة شريحة اجتماعية على حساب الأخرى، أو أنّه "اسم حركي" للتوطين والوطن البديل، بل هو لخدمة جميع المواطنين، وليس إضعافاً للدولة والنظام بل تقوية لهما وتطويراً للقدرة على مواجهة التحديات والتهديدات.
على القوى الإصلاحية الاهتمام بتوضيح أنّ أبناء المحافظات والقرى والبوادي والمدن البعيدة والأحياء الفقيرة والطبقات المظلومة هؤلاء جميعاً هم المستفيد الأول من هذا الإصلاح، وتقوية المؤسسة البرلمانية وبناء نظام للنزاهة الوطني، وتخليق الشفافية والمحاسبة وتعزيز المشاركة السياسية.
الجملة المفتاحية الثانية، التي يمكن أن تخلق إجماعاً وطنياً على الإصلاح السياسي، هي أنّ تجذر الفساد ودوره الكبير في تردي الأوضاع المعيشية للناس، واختلال نظام العدالة الاجتماعية وضعف قدرة أبناء المحافظات والعشائر والطبقات الكادحة على التنافسية في القطاع الخاص والوظائف المختلفة، إنما هو ناجم عن الاختلال في المعادلة السياسية، وما نجم عنها من انفراد نخب محدودة بعملية صنع القرار الاقتصادي والسياسي، وما نجم عن ذلك من ضحالة منسوب التنمية في المحافظات وتراجع مستوى طلبتها في التعليم العام والجامعي.
إذن، الطريق إلى المستقبل تمر عبر برلمان قوي ومؤسسات سياسية ومدنية فاعلة تقوم بتصحيح أوضاع المحافظات وحماية أبنائها من البطالة والفقر والجوع والحرمان، والاعتماد على الرواتب المتدنية وفرص العمل المحدودة في القطاع العام.
الجملة المفتاحية الثالثة أنّ الوضع الحالي ليس جيّداً لأبناء المحافظات والعشائر، ويسير نحو الأسوأ على المدى القريب، والمطلوب ليس التمسك بمعادلة بالية، بل البحث عن صيغة سياسية جديدة تنصف هذه الشريحة الواسعة وتمنحها فرصاً موازية ومساوية لأبناء المدن والطبقات الوسطى والعليا فيها، وعدم القبول بعد اليوم بشراء سياسات العطايا والأقل حظّاً ووظائف الدرجة الرابعة والمياومة، وهي حالة تخلق ديمومة للوضع المختل الراهن، بدلاً من إيجاد مخارج منه!
بناء الإجماع الوطني يتطلب صناعة الأمل في المستقبل من خلال مسار الإصلاح المتكامل لمواجهة الفراغ الحالي واستخدام الفزاعات التقليدية والتلاعب بالعواطف وتأجيج الهواجس المتبادلة.(الغد)
بالضرورة، كانت هنالك حَملة مقصودة ومدروسة للعب على الهواجس وتحريك "الشارع العشائري" ضد المعارضة وشيطنة حركة "24 آذار" تحديداً. لكن ذلك لا ينفي أنّ هنالك "تُربةً خصبة" لتلك النداءات العنصرية والإقليمية، ما جعلها تنجح بصورة فورية وسريعة. فبمجرد العزف على هذا الوتر انفجرت الهواجس والمخاوف والمشاعر المحتقنة، وبرزت بصورة "عُصابية".
بدا من الواضح تماماً أنّ هنالك انطباعاً لدى شريحة واسعة في المحافظات أنّ الإصلاح السياسي يخدم شريحة دون الأخرى، وأنّه سيكون على حسابهم وضد مكتسباتهم السياسية. ما يعني أنّهم بعد أن تراجعوا اقتصادياً، من خلال الترهل في القطاع العام والخصخصة وبيع ممتلكات الدولة، مهددون بخسارة امتيازاتهم السياسية.
ذلك بالرغم من الضغوط الاقتصادية الشديدة التي يتعرض لها سكان المحافظات وأبناء العشائر، وعدم قدرتهم على الاندماج في المعادلات الجديدة، التي تعتمد على القطاع الخاص والعلاقة التعاقدية مع الدولة، وعدم وصولهم إلى التكيف مع التحولات الاقتصادية، ومع شعورهم بالغضب الشديد من تنامي الفساد والشعور بالقلق على موارد الدولة وأملاكها.
من هذه الزاوية، تحديداً، فإنّ هنالك أولوية قصوى لتكسير الانطباعات الخاطئة وتغييرها، لدى هذه الشريحة الاجتماعية الواسعة، بتغيير قناعاتها نحو أنّ الإصلاح السياسي ليس لمصلحة شريحة اجتماعية على حساب الأخرى، أو أنّه "اسم حركي" للتوطين والوطن البديل، بل هو لخدمة جميع المواطنين، وليس إضعافاً للدولة والنظام بل تقوية لهما وتطويراً للقدرة على مواجهة التحديات والتهديدات.
على القوى الإصلاحية الاهتمام بتوضيح أنّ أبناء المحافظات والقرى والبوادي والمدن البعيدة والأحياء الفقيرة والطبقات المظلومة هؤلاء جميعاً هم المستفيد الأول من هذا الإصلاح، وتقوية المؤسسة البرلمانية وبناء نظام للنزاهة الوطني، وتخليق الشفافية والمحاسبة وتعزيز المشاركة السياسية.
الجملة المفتاحية الثانية، التي يمكن أن تخلق إجماعاً وطنياً على الإصلاح السياسي، هي أنّ تجذر الفساد ودوره الكبير في تردي الأوضاع المعيشية للناس، واختلال نظام العدالة الاجتماعية وضعف قدرة أبناء المحافظات والعشائر والطبقات الكادحة على التنافسية في القطاع الخاص والوظائف المختلفة، إنما هو ناجم عن الاختلال في المعادلة السياسية، وما نجم عنها من انفراد نخب محدودة بعملية صنع القرار الاقتصادي والسياسي، وما نجم عن ذلك من ضحالة منسوب التنمية في المحافظات وتراجع مستوى طلبتها في التعليم العام والجامعي.
إذن، الطريق إلى المستقبل تمر عبر برلمان قوي ومؤسسات سياسية ومدنية فاعلة تقوم بتصحيح أوضاع المحافظات وحماية أبنائها من البطالة والفقر والجوع والحرمان، والاعتماد على الرواتب المتدنية وفرص العمل المحدودة في القطاع العام.
الجملة المفتاحية الثالثة أنّ الوضع الحالي ليس جيّداً لأبناء المحافظات والعشائر، ويسير نحو الأسوأ على المدى القريب، والمطلوب ليس التمسك بمعادلة بالية، بل البحث عن صيغة سياسية جديدة تنصف هذه الشريحة الواسعة وتمنحها فرصاً موازية ومساوية لأبناء المدن والطبقات الوسطى والعليا فيها، وعدم القبول بعد اليوم بشراء سياسات العطايا والأقل حظّاً ووظائف الدرجة الرابعة والمياومة، وهي حالة تخلق ديمومة للوضع المختل الراهن، بدلاً من إيجاد مخارج منه!
بناء الإجماع الوطني يتطلب صناعة الأمل في المستقبل من خلال مسار الإصلاح المتكامل لمواجهة الفراغ الحالي واستخدام الفزاعات التقليدية والتلاعب بالعواطف وتأجيج الهواجس المتبادلة.(الغد)