الخيانات كلها عظمى!!

تم نشره الإثنين 11 نيسان / أبريل 2011 02:08 صباحاً
الخيانات كلها عظمى!!
خيري منصور

 الخيانة العظمى ليست مصطلحا يقتصر على الحروب وعلى هؤلاء الذين قال سارتر اثناء احتلال بلاده وتولي المارشال بيتان جمهورية فيشي تحت ظل الاحتلال ان نسبتهم يجب ألا تتجاوز نسبة الشواذ بكل المقاييس، ان الخيانة لا تقبل اساسا مثل هذا التصنيف الى صغرى ووسطى وعظمى، تماما كما انه ليس هناك ربع شرف وثلث وطنية وخمس كرامه، فهذه الكسور العشرية هي من اختراع عقل سياسي تلفيقي.

العرب الان باستثناءات نادرة لا يعيشون حالة حرب مع اعدائهم، لكن الحرب هي بينهم وبينهم لهذا فان عدد القتلى يقبل الجمع ما دامت المقابر ذاتها ما يؤوي الطرفين!

والخيانة الان بدءا من اولها حتى اخرها هي ما يقترفه اشخاص او فئات يبحثون عن اهداف شخصية وصغرى وآنية في حمى هذا النزيف القومي، فثمة من تربوا على ثقافة مصائب قوم عند قوم فوائد، او عندما تموت الحمير تفرح الكلاب.

ان الوطن العربي الان يمر بمرحلة غير مسبوقة وعلى هذا النحو الذي اصبحت لغة الحوار فيه هي الرصاص، سواء أكان مطاطيا او حيا ومن تفرض عليه نرجسيته الجريحة والاوهام التي افرزها احباطه ان يبحث عن معركته الخاصة ستكون هزيمته محتمة. لان انتصاره الوهمي هو هزيمة.. والنقطة الفاصلة بين الغار والعار هي نقطة دم!

دعونا الان من الامثال والمواعظ التي فقدت صلاحيتها وافرغت من مضامينها بسبب الافراط في استخدامها، فالثيران من مختلف الالوان ودرجات الخوار كلها تنظر عن بعد الى سكين مشحوذ والعبارة التي قالها ذات يوم معلم جزائري لمن خان شقيقه ودله على الطريق المفخخ والمليء بالكمائن وهي لقد سلمت اخانا..

جميعنا سوف ندفع الثمن، لم تعد مجرد عبارة وردت في قصة كتبها البير كامو عن احتلال الجزائر، انها رنين جرس لا يكف عن النذير، ومن خبأ رأسه بيديه لن ينجو من غارة تستهدفه ومن غرز رأسه في الرمال عليه ان يهييء ما تبقى من جسده الى هدف نموذجي لكل السهام والرصاص والخوازيق!

اعجب كيف يمكن لانسان ما يزال على قيد آدميته ان يتحول الى ضبع ينتظر حصته مما تبقى من اشلاء طفل! وكأنه طوى في جيبه أو تحت أبطه بوليصة تأمين ضد الموت وضد الدور الذي ينتظره في الطابور أمام المسلخ!

اللحظة الآن قومية بامتياز، وقد سقطت على ابوابها كل فلسفات الخصخصة الوطنية كما سقط شعار "القائد اوعاصمته وبس.. لأن الغضب أصبح عابراَ للحدود والأسوار وتحول الى مناخ مثقل بالزفير، حيث المجال مفتوحاً أمام الاخطاء شرط أن تكون محاولات للاهتداء الى المفتاح..

ما نخشاه هو أن تتحول الفترات الانتقالية الى انتقامية، ونتفرغ لمحاسبات ثأرية على حساب مساءلات سياسية ووطنية، فما يجري ليس صراع قبائل لأن داحس سبق الغبراء.. أو العكس رغم وجود هذا الخيط في نسيج الحراك، وما يسمى مستصغر الشرر قد يحرق اليابس واليابس أيضاً لأن الاخضر شحيح بعد أن قضمه التصحر، سواء في الارض والتراب أو الثقافة والأخلاق.

انها لحظة اختبارية شاملة، لقياس منسوب الوعي بالوطن والتاريخ والمستقبل، وكل من يشتهي أو يسيل لعابه على حصة الضبع من الأشلاء هو أكثر من خائن وأقل من انسان.

ان كل ما قرىء وكتب ونشر هو الآن على المحك، وما ينزف منا ليس حبراً على صحف صفراء أو حتى حمراء.. انه دمنا والرهان على ما تبقى من جدارتنا بالحياة!! (الدستور)
 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات