سوريا في العاصفة 1-2

رغم ان سوريا في قلب الاحداث على مدار الساعة منذ عقود طويلة إلا ان الصورة الديموغرافية والسياسية فيها غير معروفة تماما ما استدعى هذه الاضاءات :

1- فسيفساء متنوعة للمجاميع المذهبية والقومية (80-90%) عرب, مقابل 10-15% من الاكراد ونسبة قليلة من الارمن..) و(70% من السنة, مقابل 30% من العلويين والدروز والاسماعيليين والمسيحيين واقلية شيعية, ويشكل العلويون 15% من سكان سورية).

2- كما تتوزع هذه الفسيفساء جغرافيا بين خليط من العرب والاكراد في الشرق وخليط من العرب السنة والمسيحيين والدروز في الجنوب وخليط من السنة والعلويين والاسماعيليين والمسيحيين في الشمال والغرب

3- يتميز الساحل السوري وعمقه السهلي بمعادلات خاصة: مدن كانت تضم اغلبية سنية (حمص-حماه في السهل واللاذقية -بانياس - جبله- طرطوس على الساحل) اضافة لمجاميع مسيحية, وكانت هذه المدن مطوقة بحزامين شرقي صحراوي بدوي, وغربي قروي علوي واحيانا اسماعيلي.

4- كانت مراكز المدن السنية المذكورة هي صاحبة السطوة على الحياة الاقتصادية والسياسية وكان الفلاحون العلويون الفقراء يخضعون لهذه المراكز التي كانت توظف البدو ضدهم كلما ثاروا على هذا القهر الاجتماعي, لكن اندلاع الحرب الثانية سمح لابناء القرى الفقيرة بالانتساب الى الجيش وكان ذلك جزءا من ظاهرة عربية وعالمية حيث كان الانتساب العسكري قبلها حكرا على ابناء التجار والاقطاعيين, فدخل الجيش المئات من ابناء الفلاحين وبينهم ابناء الفقراء العلويين.

ومقابل توزع اهل السنة بين جمال عبدالناصر واحزاب البرجوازية الوطنية (حزب الشعب وحزب الكتلة الوطنية) وبين جماعة الاخوان المسلمين, ومقابل توزع المسيحيين والدروز بين الحزب الشيوعي والقوميين السوريين وحزب البعث, كان حضور البعث قويا في الاوساط العلوية ولا سيما في الجيش, مما وفر لهم الوصول الى مواقع السلطة على دفعات: الاولى بالتحالف مع الضباط الدروز ضد الضباط السنة 1963 والثانية باقصاء هؤلاء الضباط 1966 ثم بحسم الصراع بين جناحي البعث نفسه, الجناح الماركسي بقيادة صلاح جديد والجناح (المعتدل) بقيادة الاسد 1970 .

وبعد تأييد واسع من الكتلة السنية وغرفة تجارة دمشق للاسد, خف هذا التأييد بعد انقسام هذه الكتلة بين الاسد وجماعة الاخوان المسلمين ولا سيما جناحها العسكري في الثمانينيات.

5- اضافة لجماعة الاخوان, فان ابرز جماعات المعارضة خرجت من الوسط العلوي والاسماعيلي (رابطة العمل الشيوعي) وهو الوسط الذي يضم نخبة المثقفين السوريين في الادب والفنون المختلفة.

اما الحركة الكردية فهي خليط من انصار السلطة (مراكز دينية مثل البوطي وتلاميذ كفتارو وشيخو... الخ) ومن تيار بكداش في الحزب الشيوعي مقابل مجموعات يسارية قليلة محلية واخرى تابعة لحزب العمال الكردستاني في تركيا) مقابل جماعات تابعة للاحزاب الكردية البرجوازية شمال العراق والمعروفة بعلاقاتها مع (اسرائيل).

6- فيما يخص ساحات الصدام الاخيرة بين السلطة والشارع تختلط الاعتبارات, المعارضة السياسية مع صراع مراكز القوى مع اصحاب الاجندة الخارجية المشبوهة واعتبارات اخرى مثل نتائج مرسوم منع بيع الاراضي في المناطق الحدودية الحساسة (درعا- الجزيرة) ومثل النفوذ الكبير لعصابات الخاوات والتهريب في المؤانئ السورية المعروفة بعلاقاتها مع رفعت الاسد وعبدالحليم خدام وعصابات عكار وطرابلس اللبنانية.(العرب اليوم)