حريق حول فوهات آبار النفط وقربها!!
يمتد الحريق حول فوهات ابار النفط في الوطن العربي من اقصاه الى اقصاه، وحيث تشكل احتياطات النفط العربي حوالي ثلثي المخزون النفطي العالمي فان ذلك ركز اهتمام العالم على منطقتنا كما كان النفط ثروة هبطت على العرب من السماء وكان نعمة بما وفره من امكانيات مادية للتطوير والتنمية الا انه كان ايضا نقمة لان المنطقة ظلت مستهدفة طوال العقود الماضية بسبب الاطماع الغربية بقيادة امريكا للهيمنة على النفط.
على ضوء ما تقدم فان الغزو العسكري للعراق البوابة الشرقية واحتلاله كان عمليا هو احتلال لثروته النفطية والهيمنة على ثرواته ومقدراته، وفي الجناح الآخر الغربي من الوطن العربي، استدرج القذافي لوضع اليد عمليا على ليبيا التي يشتعل فيها حريق هائل عند فوهات ابار النفط الليبية، والمفارقة ان الشعب الليبي والامة العربية معه باتت تفضل نار الاطلسي على جنة القذافي!!
ومن المعروف ان امريكا لم تكن بعيدة عن التمركز في مياه الخليج طولا وعرضا وتتواجد عسكريا كنقاط ارتكاز على اراضي الخليج العربي بصورة او باخرى منذ مطلع التسعينيات والى حد ما فان بلدان الخليج عبر القواعد العسكرية البرية والبحرية تشعر بانها تتمتع بحماية امريكية غير مباشرة، وتدين لامريكا بشكل خاص بانتزاع الكويت من قبضة النظام العراقي السابق, كما ان امريكا قد وضعت حدا لاطماع العراق الاقليمية انذاك وتحديدا باتجاه الخليج كما انها باتت تشكل ضمانة مباشرة وغير مباشرة في الحد من اطماع ايران الامبراطورية في لعب دور في المنطقة وخاصة باتجاه الخليج الذي تسميه ايران بالخليج الفارسي!!
ما يستحق الملاحظة هو ان الخليج العربي الذي هو جزء من الوطن العربي يشهد حراكا سياسيا داخليا وفي نفس الوقت تتيح التطورات والثورات الداخلية في الوطن العربي للقوى الدولية النافذة فرصة الامساك باللحظة التاريخية مجددا واعادة صياغة علاقاتها مع بلدان المنطقة، وحتى لو كانت الارادة الشعبية هي اليوم التي تصنع التغيير واعادة صياغة المنطقة في نظام جديد قد لا يكون مرضيا ولا متطابقا مع دعوة امريكا الى التغيير وتركيب المنطقة في نظام شرق اوسطي جديد!!
وكما هو واضح فان هنالك استنفارا لكل بلدان الخليج ومحاولات حثيثة لبناء سياسة خارجية موحدة حيال الاوضاع داخل الخليج وحوله، ونقصد بحوله ما يحدث في اليمن واندفاعة دول الخليج للتوصل الى حل سياسي في اليمن بدل حل امني او حرب اهلية او غير ذلك من الاحتمالات المرجحة، اذ انسد نهايا الافق السلمي لتسوية يمنية تجنب البلاد المخاطر.
وبلدان الخليج كما هو معروف وضعت كل ثقلها الى جانب البحرين بما في ذلك ارسال قوات عسكرية.
وهكذا تعيش دول الخليج اليوم اشتباكا سياسيا في اليمن واشتباكا عسكريا امنيا في البحرين واشتباكا اعلاميا مع ايران وكل ذلك يختلط فيه البعد الداخلي بالبعد الخارجي، فاليمن جارة لصيقة للخليج وعدد كبير من ابناء الخليج وخاصة في السعودية هم من اصول يمنية ورغم حرب الخليج الا انه لا تزال هنالك عمالة يمنية باعداد ضخمة في الخليج، والاهم ان الحريق في بيت الجار اليمني تثير المخاوف بامتداده الى الخليج ونحو فوهات ابار النفط، وفي كل الاحوال فان التحول الاول حاليا امام بلدان الخليج هو ترتيب كل قطر لوضعه الداخلي الذي يعني احتقانات اجتماعية ومن نذر فتنة طائفية وغير ذلك من متطلبات تتعلق بحقوق المواطنة والحرية والكرامة والمساواة ضمن تسونامي التغيير الذي يعصف بالمنطقة العربية جمعاء، وهو ما يفرض على جميع الانظمة العربية ان تغير بارادتها وعيها ورضاها بدل ان تتغير وتقتلع كما تشير حلقات مسلسل اقتلاع الانظمة منذ شتاء هذا العام.(الدستور)