التّوْأمان .. «أمين» !

تم نشره الأحد 24 نيسان / أبريل 2011 02:17 صباحاً
التّوْأمان .. «أمين» !
خيري منصور

لم أعرف التوأمين مصطفى وعلي أمين عن قرب رغم أنني عشت زمن التألق والانطفاء لكليهما، لكنني عرفت فيما بعد وعن قرب شديد أهم أصدقائهما ومن تولوا رئاسة التحرير لكل من "أخبار اليوم" و"المصور" و"آخر ساعة" ومنهم الصديقان مازن البندك ومحمود صلاح، وكان في زمن عبدالناصر متاحاً للعرب أن يرأسوا تحرير صحف أو اذاعات كما حدث للفلسطينيين مازن البندك وناصر النشاشيبي ومعين بسيسو!

هما حفيدا سعد زغلول، لكن شهرتهما لم تكن لهذا السبب، فثمة حفيد لسعد زغلول يصلح الساعات القديمة في لندن، رغم أن جده كان يحاول اصلاح ساعة التاريخ في مصر عام 1919 وما بعدها!

أهم ما استوقفني عن التوأمين ليس الرحلة اللعبة المعروفة لهما كمؤسسين لأكبر المجلات في مصر الحديثة، حيث ورثا ما أنجزه الأخوان تقلا وجورجي زيدان واميل زيدان وروزا اليوسف الذين قدموا الى مصر من الشام ولبنان، فهذا أمر معروف وقد تحدث عنه الأخوان في الكثير من المناسبات الصحفية.

مصطفى أمين كتب لعشر سنوات مقالات كان يرسلها الى الصحف وتحتل مكانة بارزة باسم أحد زملائه الذي كان يعمل بقالاً، وكان يتنازل عن راتبه الشهير وهو خمسة عشر جنيهاً في ذلك الزمن وهو مبلغ يعادل عشرات أضعافه وأحياناً مئات أضعافه الآن.

كانت المقالات موقعة باسم "حسن" وهو زميل مصطفى في المدرسة والذي لم يكن يطمح لأن يعمل أكثر من مجرد صبي بقال في أحد أحياء القاهرة. وحين سئل مصطفى أمين ذات يوم عن سبب اصراره على أن يكون مجهولاً لدى قرائه ويتنازل عن أجره شخص آخر قال ان ما كان يهمه هو ايصال أفكاره، ولم يكن مشغولاً باسمه أو حريصاً على توقيعه ونشر صورته.. ولا سبيل الى التشكيك بما قاله مصطفى أمين لأنه حدث بالفعل، ولأن الرجل كشف عن هذه الحفلة التنكرية أمام الملأ، وعرف الناس أن زميله البقال حسن لا يستطيع كتابة جملة مفيدة أو سطر في مقال رديء..

وما استوقفني في هذه المسألة هو ما سمعته من الشاعر أدونيس ذات يوم في ندوة كان يشارك فيها باحدى العواصم العربية، وقد سمعت من أحد المتحدثين آراء تعود بالجملة والتفصيل الى كتابات أدونيس وتوقعت منه ان ينتفض غضباً أو يقف ليفضح ذلك الذي انتحل أفكاره، لكن أدونيس فاجأني عندما قال بأنه سعيد بذلك، لأن ما يهمه أن تصل أفكاره الى المتلقي وقد يكون غياب اسمه في فترة ما لصالح هذه الأفكار!

كثيرون كتبوا بأسماء مستعارة، لكنهم كشفوا عن الحقيقة قبل الأوان وربما بعده، وهناك تجربة طريفة للكاتب الروائي الالماني ريمارك الذي كتب روايته كل شيء هادىء في الحي الغربي باسم مستعار ومن منفاه.. لكن الرقيب جوبلز استطاع التعرف إلى ريمارك من أسلوبه رغم غياب التوقيع.

ولكي لا أبتعد عن الأخوين أمين, فهما أسسا مشروعات صحفية منها ما استمر وتحول الى مدارس وتيارات في الصحافة، وقد سجن الرجلان في عهد الرئيس الراحل عبدالناصر بتهمة الاتصال بجهات أجنبية، لكن من عرفتهم عن قرب من أصدقاء التوأمين أمين وتلاميذهم دفعني مرة أخرى الى قراءة ما كتبا وما أصدرا من كتب.

خلاصة الأمر، أن من يهتم كثيراً بالبنط الذي تكتب به حروف اسمه أو بحجم صورته أو بأية اكسسوارات أخرى قد ينتهي بعد غروبه الى عدم، ومجرد شهادة وفاة في الدوائر الرسمية وشجون الميراث!!
 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات