تضخم سالب في الربع الأول

مع أن الصحف نشرت خبر التضخم في الربع الأول من السنة تحت عنوان: التضخم 4ر4% في الربع الأول، إلا أن الواقع أن التضخم الذي حدث خلال هذه الفترة، أي من أول كانون الثاني حتى نهاية آذار، كان في المحصلة سالباً بمقدار ثلث نقطة مئوية أو 35ر0%.
الارتفاع بنسبة4ر4% الذي تحدثت عنه عناوين الأخبار يعود لمقارنة مستوى الأسعار خلال الربع الأول من هذه السنة بما كان عليه في نفس الربع من السنة الماضية، أي أنه يخص سنة كاملة، ثلاثة أرباعها في العام الماضي.
أما التغير في الأسعار الذي حدث خلال الربع الأول بالذات، فيكون بقياس الفرق بين مستوى أسعار المستهلك في الشهر الأخير من السنة الماضية وهو 59ر128، ومستوى الأسعار في شهر آذار من هذه السنة وهو 24ر128.
لكل واحد من المقياسين للتضخم استعمالاته، وأهم مزايا الأسلوب الأول أنه يستبعد الأثر الموسمي، ولكن لأغراض رسم السياسة النقدية ومحاولة التأثير على الأسعار باتجاه الاستقرار، فإن الأهمية تكمن في قياس أحدث الاتجاهات.
على ضوء التضخم السالب في الشهور الثلاثة الأولى من السنة لن يجد البنك المركزي سبباً يدفعه للتشدد النقدي مثل رفع أسعار الفائدة أو تشديد المعادلات التي تلتزم بها البنوك في سلوكها وخاصة تجاه عمليات منح التسهيلات.
يبدو كأن التضخم السلبي مفيد للمستهلكين، ولكنه ليس مكسباً اقتصادياً، وضرره يفوق ضرر التضخم الإيجابي. ويرى كثيرون أن المعدل الصحي للتضخم هو 3%، وإذا كانت الأسعار قد ارتفعت خلال سنة 2010 بمعدل 1ر6% فقد كان ذلك مؤشراً على ارتفاع الطلب وبدء الانتعاش الاقتصادي، في حين أن جمود الأسعار أو تراجعها قليلاً في الربع الأول من هذه السنة يعتبر مؤشراً على الجمود والتباطؤ الاقتصادي، وهو أمر متوقع في ظل الحراك السياسي والاجتماعي، الإقليمي والمحلي، مما لا يعتبر مناخاً مناسباً للاستثمار والتوسع.
وهنا لا بد أن يؤخذ بالاعتبار أن جزءاً من التضخم السلبي الذي أشرنا إليه يعود لأسباب مصطنعة، مثل عدم رفع أسعار المحروقات، وزيادة دعم الخبز والأعلاف وعدد من السلع الأساسية، وبالتالي فإن اتجاه التضخم الحقيقي يجب أن يخضع للتعديل على ضوء هذا التدخل الإداري.(الراي)