لماذا قامت الثورة؟..إجابات مصرية قابلة للتعميم!
لماذا قامت الثورة؟ هذا سؤال كبير ما زالت أصداء الإجابات عليه تتردد في أنحاء كثيرة من بلداننا العربية التي ولدت فأنجبت "ثورة" أو الأخرى التي ما تزال مخاضاتها تشي بولادة جديدة.
من الخطأ –كما يقول الكاتب المصري فاروق جويدة- ان نتصور ان ثورة الشباب المصري جاءت من فراغ او انها كانت خارج سياق الأحداث في مصر، فهناك ظواهر كثيرة سبقت الزلزال ولو ان احدا قرأها قراءة صحيحة لاكتشف ان الزلزال ارسل رسائل كثيرة لم يقرأها احد، فلم يخرج المصريون الى ميدان التحرير فجأة لكنهم خرجوا قبل ذلك مئات المرات إلا أن النظام الحاكم لم يكن قادرا على ان يقرأ شواهد الزلزال.
ما هي شواهد الزلزال اذن؟ يقول انها اكثر من ان تحصى، خذ وعُدّ على اصابعك: المعركة التي دارت بين قوات الأمن والمواطنين في "المحلة" وانتصر فيها الأمن، المعركة الأخرى التي قطع فيها المتظاهرون الطريق الدولي وخرجوا بـ "الجرادل" يبحثون عن مياه للشرب، معركة الانتخابات المزورة التي رفضها الناس وكان الردّ التاريخي عليهم: خليهم يتسلّوا، قضية التوريث وصعود الابن وازدواج السلطة مع البزنس، النظام الذي تحول الى هياكل يديرها رجال الاعمال، حيث اتجهت الى مجموعة اشخاص كل موارد الدولة من الاراضي والمشروعات بيعا وشراء وتجارة واختلط نشاط الوزراء برجال الأعمال لتصبح مصر مجرد "عزبة" لعدد من الاشخاص، وبجانب هذا زادت المسافة بين مؤسسات الدولة والمواطنين حتى وصلت الى ما يشبه القطيعة الكاملة.
هل تريد المزيد من الشواهد؟ خذ أيضا: انتهى دور النخبة المصرية في "حظيرة الدولة" التي جمعت اعدادا من اصحاب المصالح من المثقفين ومع ترويض الاحزاب السياسية تراجع دورها في الشارع، ومع اختلال منظومة العدالة الاجتماعية اختلت منظومة القيم واصبح السعي وراء المال حقا مشروعا، حلالا ام حراما، الثراء وجمع المال، كما اختفت ايضا منظومة العدالة وتكافؤ الفرص فأصبحت مصر حقا مستباحا لعدد من الاشخاص نهبوا ثرواتها وباعوا تراثها واستباحوا مستقبلها.. خذ ايضا قضية الغاز والخصخصة والأمن الذي تحول الى دولة ومصر التي اختفت من خريطة الادوار امام اطماع الكثيرين "بالوراثة".
اذن، يقول الرجل: الثورة لم تخرج فجأة، لكن هناك احداثا واشخاصا وافكارا مهدت لهذا الزلزال الذي اهتزت به اركان العالم كله وحمل لمصر زمانا جديدا.
ثم يتابع الكاتب الشاهد: ان الشعوب قد تصبر لبعض الوقت لكن لكل شيء نهاية ومن اكبر الاخطاء التي يمكن ان يرتكبها النظام السياسي في اي بلد من البلدان ان يستخف بإرادة شعبه ويتصور دائما انه الأقوى والأذكى فيختار الاستبداد طريقا والبطش والطغيان لتحقيق اهدافه.
هذه شهادة واحدة، من بين شهادات كثيرة، كتبها مصريون وتونسيون وعرب آخرون لكنها كلها تحمل عنوانا واحدا "لقيام الثورة" وقيامتها، ونصيحة واحدة للاعتذار عن استقبالها او تأجيل موعدها، وحكمة واحدة للتعامل معها ودليلا واحدا لفهم رسائلها ... هذه التي لا يفهمها احد.
من المفارقات انه بعد كل هذه الشواهد وغيرها العشرات، ثمة من يسأل: لماذا قامت الثورة؟ فيما السؤال الحقيقي هو: لماذا تأخرت كل هذا الوقت الطويل.
ترى: هل لديكم إجابة أخرى؟ (الدستور)