قـراءة فـي المسـتقبل!

يكذب من يدّعـي أنه قادر على التنبؤ بالمستقبل، فهذه واحدة من أصعب المهمات، تفشل في معظم الحالات، وقد تصدق بالصدفـة، فقد كذب المنجمون ولو صدقوا.
لكن هناك بعض المؤشرات العامة التي يمكن الاهتـداء بها. وعلى سبيل المثال يقال أن ما يحدث في كاليفورنيا اليوم سيحدث مثله في أميركا غـداً، وأن ما يحدث في أميركا اليوم سيحدث مثلـه في العالم غداً.
ماذا يحـدث في أميركا اليوم؟ كل المؤشرات هناك في حالة صعود تبشر بعودة الانتعاش الاقتصادي وتوديع الأزمة وتداعياتها: معدل البطالة في انخفاض شهراً بعد شهر، وأسعار العقارات في حالة ارتفاع، وإقبال المستهلكين على الشراء في تصاعد، ومؤشر النمو الاقتصادي يسـبق التوقعات، وأسعار الأسهم في بورصات أميركا تحقـق قفزات هائلة يومأً بعد آخر.
هذا إذن هـو مستقبل العالم والمنطقة، ومنها الأردن. فقد استنفد الركود الاقتصادي أغراضه بل تجاوزها، واستمرت المؤشرات الاقتصادية والمالية عندنا في التراجع دون مبرر، وانخفض مؤشر البورصة بنسبة 6% منذ بداية هذه السنة بالرغم من الأداء الجيد والواعد للشركات.
نحن إذن إزاء سـباحة محلية ضد التيار العالمي لا يمكن أن تستمر. صحيح أن المنطقة طافحـة بالثورات، ولكن البلدان العربية التي تشهد ثورات وقلاقل هي في الأغلب بلدان فقيرة وغير ذات تأثير مباشر على مستوى النشاط الاقتصادي في الأردن.
الأردن يتأثر كثيراً بما يحـدث لاقتصاديات الدول الخليجية، وما يحدث هناك إيجابي، وفي المقدمـة ارتفاع أسعار البترول بنسب لم تكن تخطر بالبال، فقد كان قادة الخليج يطالبون باستقرار سعر البرميل عند 70 دولار فارتفع فوق 110 دولارات. وتقدر مقبوضات دول الاوبك هذه السنة بمبلغ تريليون دولار، أي ألف مليار من الدولارات.
هذه الأوضاع سيكون لها انعكاسات إيجابية في الأردن في مجالات الاستثمارات والسياحة الواردة وفرص العمل وحوالات المغتربين وصادرات الخضار والفواكه والأثاث والأدوية والمنح المالية المنتظـرة.
أغلب الظن أن قارئ هـذه الزاوية أدرك ما نرمي إليه، وهـو أننا ما زلنا متفائلين بالرغم من كل الظروف الداعيـة لعكس ذلك. كل المطلوب للاستفادة من الظروف المواتية هـو تأكيد الاستقرار والأمن وتعزيز الثقـة العامة.(الراي)