الولايات العثمانية والولايات الامريكية
في اواخر القرن التاسع عشر قادت بريطانيا حركة القناصل الاجانب في الاستانة من اجل اطلاق سلسلة من الثورات الدستورية الليبرالية في تركيا العثمانية ترافقت ايضا مع اقتراحات بريطانية لتحويل الدولة العثمانية من دولة مركزية الى دولة فدرالية ومن دولة خلافة الى اسلام ليبرالي للملل والنحل المذهبية وكانت بريطانيا آنذاك, الدولة الرأسمالية الاستعمارية الاولى في العالم من جهة, وممثل الامبراطورية البحرية, من جهة ثانية, وكانت تنظر الى تركيا كبديل (حليف) للامبراطورية الروسية بوصفها القوة البرية المنافسة..
وسرعان ما تحول السيناريو البريطاني عن هذا الاتجاه بعد تحالف تركيا مع المانيا في الحرب العالمية الاولى, وفضلت دعم اتاتورك القومي العلماني بدل الاسلام الليبرالي لتعود لاحقا الى دعم الحركات الاسلامية بعد تصاعد الثورات الشيوعية ودخول الامريكان على خط القوميين العلمانيين في اطار ازاحة الاستعمار الاوروبي القديم واخذ مكانه..
اليوم, ومنذ ان صارت امريكا هي القوة الامبراطورية البحرية بدل بريطانيا ومقابل القوى الامبراطورية البرية الجديدة, روسيا ثم الصين ورثت الاهتمام البريطاني بالدور التركي في آسيا والمنطقة العربية وتحولت من دعم الجنرالات في حقبة ريغان - بوش وتسعير ما يعرف بمكافحة الارهاب بالارهاب وغض الطرف عن حلفائها البوليسيين, من العرب والصهاينة معا, الى القوة الناعمة (فلسفة ناي) والثورات البرتقالية (فلسفة شارب واكرمان) وحاولت وتحاول تجيير الثورات الشعبية العربية وتحويلها الى ثورات ملونة..
واللافت للانتباه هنا, هو دور الاسلام الليبرالي في كل ذلك وامكانية انبعاث عثماني ناعم اخضر يلف آسيا والعرب في اطار تطويق الصين ومجموعة شنغهاي (القوة البرية المنافسة) وهو ما يستدعي امريكيا العمل لتمرير الخطوات التالية:-
1- محاولة طي ملف القوى المتطرفة بكل اشكالها من نتنياهو الى القاعدة الى جعجع الى الانظمة البوليسية العربية.
2- تسويق مناخات ليبرالية للاسلام الليبرالي مكانة مهمة فيها, لا سيما الاسلام الليبرالي التركي.
3- تفكيك الدول المركزية القطرية واستبدالها باشكال من اللامركزية والفدراليات التي تذكرنا بالولايات العثمانية القديمة, وليس مستبعدا سيناريوهات فدرالية لليمن وليبيا ولبنان والسودان فضلا عما شهده العراق وما يراد لسورية وللاردن عبر البنيلوكس الثلاثي (مركز اسرائيلي ومحيط اردني - فلسطيني) وهو المشروع الذي يحاول العدو تسويقه تحت تسمية اخرى هي الاردن الكبير المرشح لفدرالية اوسع اذا ما نجح العدو والامريكان في تمزيق العراق وسورية ووضع هذه الفدرالية تحت القبضة (الاسرائيلية) فيما يسمى (اسرائيل الكبرى).(العرب اليوم)