نزع فتيل الأزمة

اتسعت دائرة الخلاف داخل مجلس الوزراء خلال الفترة الماضية بين الفريقين السياسي والاقتصادي حيال توجهات دعم السلع والخدمات.
وجهات النظر متباينة؛ إذ يرى الفريق السياسي أن ضمان الأمن المجتمعي والسلم المجتمعي هو الأهم اليوم، فيما يركز الفريق الاقتصادي على مشاكل المالية العامة، دافعا باتجاه رفع أسعار المحروقات وتوجيه الدعم لمستحقيه.
الفجوة بين أعضاء الحكومة اليوم اتسعت مقارنة بحالها قبل نحو أسبوعين، إذ بدأنا نسمع وزراء اقتصاد باتوا ينحازون لرأي الفريق السياسي من الحكومة، ويؤكدون أن الأوضاع الاجتماعية والسياسية غير مواتية لتنفيذ دراسة التخلص من الدعم المالي.
جبهة الدفع باتجاه القرارات الصعبة لم يبق فيها الا وزيران، ولا ندري كم سيصمدان خصوصا وأن الطرح المقدم من جانبهما منقوص هو الآخر، ولا يقدم رؤية شاملة لحل المشاكل الاقتصادية والخروج من عنق الزجاجة.
تشي المعلومات اليوم أن تركيبة الحكومة تضم أعضاء على النقيض، فالسياسيون لا يدركون الأبعاد الخطيرة للوضع الاقتصادي، فيما الاقتصاديون يصمون آذانهم عن تلمس وتفهم التبعات الخطيرة لتنفيذ رؤيتهم، في وقت نشهد فيه رفضا مجتمعيا بالكامل لأية قرارات صعبة وغير شعبية.
أسباب الرفض المجتمعي تكمن في السلبيات الكبيرة التي رافقت سياسات التخلص من الدعم على مدى سنوات طويلة وأدت إلى نتيجة واحدة أن الفقراء صاروا يشترون وقودهم بالأسعار العالمية، وأن العجز والدين ارتفعا، ولسان حال الناس يقول لماذا نصدق الحكومة هذه المرة؟.
المطلوب من الحكومة اليوم أن تعيد ترتيب أوراقها وأن يتبادل الوزراء الأدوار بحيث يفكر السياسي بعقل الاقتصادي والعكس، حتى لا تؤدي الفرقة بين أعضاء الفريق إلى تخبط وتضارب في التصريحات الرسمية وهو ما بدأنا نشهده خلال الأيام الماضية.
التفكير الإبداعي يتطلب الخروج على طريقة التفكير التقليدية لنتمكن من وضع حلول واقعية وهي ممكنة، بالمناسبة، إن توفرت النوايا للعمل بجد من أجل الخروج من المأزق السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
إطالة مدة البقاء في الدوار الرابع بعد ثلاثة أشهر على التشكيل بحاجة لتقريب وجهات النظر بين أعضاء الحكومة، حتى صرنا نسمع انتقادات وزراء لتوجهات آخرين، والخوف أن نصل لدرجة تصبح الفرقة التي بدأت تدب في عروق الحكومة بمثابة إنذار.
التعنت بالرأي بين أعضاء الحكومة هو بمثابة انتحار سياسي للحكومة، وخطوة لا يقدر أحد على التكهن بنتائجها، في حال لم توازن الحكومة بين المعطيات السياسية والاقتصادية، وتفكر بعقل جمعي يوحد رؤيتها وينهي تشرذمها ولا يبث الفرقة بين أعضاء فريقها لأن بلوغ هذه المرحلة هو بداية النهاية لعمر هذه الحكومة.
نزع فتيل الأزمة يتطلب تقريب وجهات النظر ووضع أفكار تعيد دوران العجلة المعطلة، من خلال استغلال الظرف الاقليمي الذي يشكل فرصة للأردن بكل المقاييس، فدعونا لا نفوت الفرصة. (الغد )