مصانع لتصدير الإسمنت؟!

قررت وزارة الصناعة والتجارة السماح بإصدار تراخيص جديدة لمصانع الإسمنت لغايات التصدير فقط. هـذه ليست أول مرة يصدر مثل هـذا القرار ويوضع موضع التنفيـذ ، فقد سبق الترخيص لمصنع إسـمنت الجنوب شريطة أن يتخصص بالتصدير ، لأن السوق المحلية كانت تخضع لامتياز شركة مصانع الإسمنت الأردنية في الفحيص.
النتيجـة كانت محتومة ، فقد فشـل المصنع وتم دمجـه بشركة مصانع الإسمنت الأردنية ، وأصبح إنتاجـه متاحاً للبيع في السوق المحلية. وأي مصنع أسمنت يقوم بعد الآن لأغراض التصدير سـوف يحصل فيما بعد على حق البيع في السوق المحلية في عهـد وزير آخر للصناعة والتجارة يرغب في حل مشكلة شركة متعثرة والحيلولة دون إفلاسـها.
الإسمنت ليس صناعة تصدير ، فوزنه ثقيل وتكاليف نقلـه براً وبحراً تشكل عبئاً لا يتحمله الثمن ، وليس في العالم مصانع اسمنت تقام للتصدير ، فالإسمنت صناعة محلية ، وما يدخل في السوق العالمية من الإسمنت يمثل الفوائض المؤقتة التي يمكن أن تتحقق في بلد ما فيبيعها بأي سعر يغطي الكلفة المباشرة ، والعجـز المؤقت في بلد آخر يغطى باسـتيراد كميات محدودة لسد النقص المؤقت أي أن كميات قليلة من الإسمنت تدخل التبادل التجاري كاسـتثناء.
عاش الأردن لمدة خمسين عاماً بالاعتماد على شركة إسمنت واحدة تلبي احتياجاته وتصدر فوائض محـدودة في بعض السنوات ، وتسـتورد كميات محـدودة في سنوات أخـرى ، لأن مستوى نشـاط الإنشاءات يتقلب بين سنة وأخرى.
أما اليوم فلدينـا أربعة مصانع تنتـج أضعاف حاجتنا من الإسمنت وتعجـز عن تصدير أية كميات ذات معنـى ، بل إن بعضها مطالـب بأن ينافس الكلنكر المستورد من السـعودية حيث كلفـة المحروقـات تقـل عن ربع كلفتـها في الأردن ، الأمر الذي يهدد بتصفية شركات الإسمنت القائمة وتسريح عمالها.
عندما تحسب قيمة الاستثمارات في الأردن يجب أن يحذف منها الاستثمار في مصانع للإسـمنت لأنه اسـتثمار فائض عن الحاجة وضـرره أكثر من نفعـه.
عندما كان الباب مغلقـاً أمام الترخيص لبنوك جديـدة ، تقـدم مستثمر ذكي بطلب رخصة لبنك يتخصص في تمويل الصادرات ، فوافق البنك المركزي لأن هذا الهدف النبيل لا يمكن رفضه. بعد ذلك تحول بنك الصادرات إلى بنك تجاري ، وغير اسمه ، فالتراخيص قابلة للتعديـل. ( الراي )