بين عصرين

لا اقصد كتاب بريجنسكي, الشهير »بين عصرين« بل العالم والعرب والاسلام السياسي بين عصرين آخرين لهما علاقة بالتحولات التي تجري حول الهارت لاند او قلب العالم »الأورو آسيوي«.
حسب ماكندر وتلاميذه, فالصراع العالمي يدور حول قلب العالم بين امبراطوريتين دائماً بحرية مثلتها بريطانيا ثم امريكا, وبرية مثلتها تركيا ثم روسيا القيصرية وبعدها الشيوعية والان الصين ...
وقد اخذ هذا الصراع مستويات مختلفة في حقب مختلفة, ففي ذروة الحرب الباردة سيطرت نظرية »خطوط التصدع« خلال هذه الفترة واقتضت اطلاق ودعم ما عرف بالاسلام العسكري لتطويق موسكو ابتداءً من افغانستان وكانت فتاوى ابن تيمية هي الغطاء الايديولوجي لذلك كما عبر عنها عبدالله عزام والظواهري واسامة بن لادن.
ومع الانهيار السوفياتي وانفجار الازمة الرأسمالية الامريكية والعالمية وتحول قلب العالم والامبراطورية البرية من روسيا الى الصين, راح الصراع العالمي يأخذ اشكالاً جديدة منها استبدال خطوط التصدع الاسلامية حول روسيا السابقة بطوق اخضر ناعم جديد مثلته تركيا هذه المرة وليس افغانستان والباكستان كما مثلته افكار بريجنسكي وكتبه »خطة لعب« و»رقعة شطرنج« بدل هننغتون »صراع الحضارات«.
وليس بلا معنى ان اسيا الوسطى الاسلامية كانت ولا تزال العامل الحاسم في تقرير مصير الهارت لاند »الاسيو اوروبي« غير الاسلامي.. فمقابل المرجعيات السلفية المسلحة ثمة حديث عن اسلام ليبرالي يلف العرب والعالم الاسلامي برمته ويفسر المسحة الناعمة لغالبية الثورات العربية الشعبية في مراكز لا تخطئها الصين, تركيا وقطر ومؤسسات بريطانية وامريكية: الاولى بحجمها السياسي الاسلامي وما يقال عن مشروع تركي يحاول استبدال الجامعة العربية بجامعة اسلامية على طريقة جمال الدين الافغاني »احد مفكري الثورة الدستورية الملكية الاسلامية في تركيا وايران اواخر القرن التاسع عشر« .. اما قطر فمن خلال دورها الاعلامي »الجزيرة« وموقعها في حقبة الغاز العالمية الجديدة, فيما تحاول مؤسسات فريدوم هاوس وهارفرد الامريكية واكاديمية التغيير البريطانية سرقة الثورات الشعبية وتحويلها الى ثورات ملونة....( العرب اليوم )