أدونيس وغوار الطوشة.. الثقافة على صخرة الطائفة

أدونيس شاعرا وغوار الطوشة فنانا.. وغيرهما من الذين انحازوا لسلطان الطائفة، سواء كانوا سنة أم شيعة أم علويين أم موارنة أم دروزا، يقدمون شواهد جديدة على ضرورة الثورة لقلع الماضي الذي فشل في بناء وطن على قاعدة المواطنة، وبنى سلطة مستندة إلى سطوة طائفة أو عشيرة أو غير ذلك من هويات فرعية مغلقة لا يختارها الإنسان.
قد يدان "المثقفان" بأثر رجعي، ويعتبر أدونيس مجرد مشعوذ، وغوار مهرجا منتهي الصلاحية. ذلك إشكال آخر، فثمة فنانون وروائيون صهاينة وعنصريون وفاشيون، ستبقى مساهماتهم محفوظة، لكن سقوطهم الأخير سيكون عنوانا لهم، تماما كما كان قبول جابر عصفور وزارة في احتضار مبارك عنوانا له.
مشكلة أدونيس مع الثورة السورية أنها تخرج من المساجد، وهو بذلك ينحاز بشكل فج إلى طغاة العرب الذين لخصوا النهوض الحضاري الجاري بـ"الإخونجية"، محذرين ومحرضين. وذلك شرف لا يدعيه الإخوان، وتهمة لا ينكرونها.. وخدمة من الطغاة لا يشكرون عليها. وأدونيس سوري يستطيع أن يتابع الإعلام ويخالط الناس في بلده، وهو يعرف ويحرف، فالمساجد في المنطقة جزء من الحيز العام، والنظام السوري يتهم الشيوعي العريق رياض الترك بالاعتصام بالجامع العمري مع الشيخ أحمد الصياصنة اعترافا بالحيز العام، واستهدافا للترك، فمن دخل المسجد أبيح قتله سلفيا إرهابيا، حتى لو كان رياض الترك.
لعب الدين دورا ثوريا مع الجماهير في العالم، وأدونيس يعرف الدور الذي لعبته الكنيسة في حركة الحقوق المدنية في أميركا، ومارتن لوثر كينغ صاحب الحلم الصرخة ما كان غير قس. وفي أميركا اللاتينية عرف العالم لاهوت تحرر.. يعرفون ذلك ويحرفون.
مدح أدونيس الإمام الخميني في قصيدة، وهجا شهداء سورية وأحرارها. وهم لا يحتاجون مدائحه، والخير باق في الأمة.
في سورية والعالم العربي مثقفون بمستوى الثورة. وما يحتاج إليه العربي الجديد جهد تاريخي لبناء ثقافة تليق بثورته التي أسرت العالم، وصارت "الباييس"، أشهر صحف إسبانيا، تعيّر شباب إسبانيا الذين لا يثورون كما العرب.
لقد نظّر أدونيس للقطيعة مع الماضي، ولا ريب أنه من الماضي الذي يثار عليه ويقطع معه.(الغد )