قاموس الثورة والثورة المضادة

لا يزال المشهد العربي ملتبسا في مواقفه وتجاذباته المختلفة مما يؤكد اهمية المراجعة لدور المفاهيم والوعي بها, ومنها مفاهيم الثورة والثورة المضادة والديمقراطية والحرية والليبرالية والدكتاتورية والطاغية والتبعية وفك التبعية والتحرر الوطني.. الخ فما الذي يمكن مقاربته في هذه الايام بالذات واي قاموس سياسي نحتاجه:-
1- الثورة, مجرى تاريخي طويل ومعقد يؤدي الى تغيير شامل في البنى الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية, وفي الطبقات والقوى المتصارعة.. وتجري على هامش هذه الثورة مخاضات وارهاصات مختلفة (انتفاضات, وهبات واحتجاجات ومعارضات واشكال من التحرر المدني وغير المدني).
2- الثورة المضادة, محاولات القوى القديمة, سواء كانت على المستوى المحلي او العالمي اعاقة الثورة واعادة انتاج القوى السائدة.. ومنها الثورات الملونة كما سنرى.
3- الديمقراطية والليبرالية, وهما مفهومان متناقضان وحاسمان فيما يخص الحالة العربية الراهنة. فالديمقراطية ليست وصفة قانونية او تشريعية او اساليب محايدة بل مكون اساسي في عملية التحرر الوطني ومقاومة التبعية حيث تندمج السياسة في الخيارات الاجتماعية والاقتصادية اما الليبرالية فهي مناخات لاعادة انتاج قوى السوق والرساميل العالمية, وتوظيف الحريات العامة وحقوق الانسان في اطار هذه الرساميل ومصالحها على المدى البعيد..
ويلاحظ هنا انه بقدر ما تعبر الديمقراطية عن الثورات الشعبية والتحرر الوطني فان الليبرالية هي عنوان الثورات البرتقالية واذ تبدو او تحتمل الليبرالية تداولا محليا لسلطة الحكومات وحريات عامة وقاموسا فضفاضا لحقوق الانسان, فانها تشكل عنوانا للثورة المضادة على مستوى النظام الرأسمالي العالمي كله من حيث اعادة انتاج التبعية في المحيط والبلدان النامية باسم هذه الحقوق حيث لا تتورع عن الانقلاب عليها اذا ما تهددت مصالحها الكبرى.
4- وكما للديمقراطية والثورة فلاسفتها ومدارسها (الاشتراكية وفك التبعية) فان لليبرالية والثورات المضادة والملونة فلاسفتها ومدارسها (الرأسمالية) التي تتقنع بالكفاح المدني (جين شارب وبيتر اكرمان) والمجتمع المدني المفتوح (اليهودي جورج سوروس) لاعادة دمج المحيط العالمي بالمراكز الرأسمالية.
5- فيما يخص الحالة العربية الراهنة, ثمة ملاحظات ثلاث ضرورية, الاولى ان الثورة ليست انقلابا سريعا بل مجرى طويل يبدأ من اعمال محدودة وينتهي بتحولات كبرى, والثانية تقاطع الثورة البرجوازية الديمقراطية الدستورية مع الثورة الاجتماعية في شعارات محددة بل ان ماركس وانجلز في البيان الشيوعي وملاحظات حول بسمارك اكدا ذلك, والملاحظة الثالثة, ان الديمقراطية ركن اساسي في التحرر الوطني وفك التبعية ولا معنى لهذا التحرر من دون هذا الركن..(العرب اليوم)