أوباما في خطابه .. منزلة وسط بين تيارين في ادارته

تم نشره السبت 21st أيّار / مايو 2011 01:51 صباحاً
أوباما في خطابه .. منزلة وسط بين تيارين في ادارته
عريب الرنتاوي

جديد أوباما قديم، وقديمه يعود لأكثر من عشر سنوات خلت، زمن كامب ديفيد وورقة كلينتون، ضمّنها الرئيس الأمريكي الأسبق، معايير حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، مقترحاً اعتماد خطوط 1967 كأساس لترسيم الحدود، مع تبادل متفق عليه للأراضي بين الجانبين...ومنذ ذلك التاريخ، بات الحل النهائي لمسألة الحدود، محكوماً بهذه القاعدة، بدلالة خرائط ألمرت المقدمة للرئيس عباس في جولات مفاوضاتهما الماراثونية.

لهذا السبب، ولهذا السبب بالذات، يقف المراقب مندهشاً إزاء موجة «الهستيريا» التي اجتاحت أوساط رئيس الحكومة ودوائر اليمين في إسرائيل، مع أن الخطاب، والحق يقال، وجّه سلسلة من الصفعات للشعب الفلسطيني وقيادته السياسية، و»زخّم» الهجوم الإسرائيلي المضاد على أهم إنجازين فلسطينيين تحققا مؤخراً: المصالحة الوطنية، والتوجه الدولي للإعتراف بدولة فلسطينية في أيلول المقبل.

في التفاصيل، بدا أوباما واقفا في منزلة وسط بين تيارين في إدارته: الأول، ويطالب أنصاره بعرض خطة تفصيلية لعملية السلام في المنطقة حتى وإن أدى ذلك إلى إنزعاج إسرائيل، والثاني، يطالب بتجنب ذلك وترك المسألة للمتفاوضين، والاكتفاء بدور الميسّر لهذه العملية...أوباما اختار مساراً وسطاً، قدم خطة موجزة وخطوطا عريضة.

من عناوين هذه الخطة: دولة فلسطينية، قابلة للحياة ومنزوعة السلاح، حدودها خط الرابع من حزيران مع تعديلات متفق عليها، ومن دون أن يحدد حجم هذه الأراضي أو كيفية التبادل من حيث النسبة والنوع، وهذا ما حدا بخبير الاستطلاعات سيفر بلوتسكر في يديعوت أحرونوت أن يقترح على نتنياهو بالأمس، «التصرف بحكمة، وألا يجد صعوبة في قول نعم لهذه الصيغة، طالما أن حجم المناطق المتبادلة ومكانها لم يتقررا مسبقا».

أوباما أرجأ حتى إشعار آخر، قضيتا اللاجئين والقدس، وتبنى «مطالب نتنياهو في الترتيبات الامنية المتشددة والانسحاب طويل المدى والمتدرج من الضفة الغربية...وربط الانسحاب بالأمن» وفقا لتعبير ألوف بن في هارتس، ومن دون أن يعرض لجداول زمنية محددة، تاركاً الأمر لفرقاء الصراع.

لم يأت أوباما على ذكر الاستيطان إلا في سياق «تفسير» أسباب انهيار المفاوضات المباشرة، وهو امتنع عن شجبه بوصفه «عملاً غير شرعي» و»عقبة على طريق السلام»، كما أنه لم يطلب من تل أبيب تجميد أعمال البناء أو تفكيك المستوطنات والبؤر الاستيطانية كما نصت على ذلك خريطة الطريق ذاتها.

مقابل هذا العرض «المفتوح» و»الملتبس» لدولة فلسطينية منزوعة السلاح...طالب أوباما الفلسطينيين الاعتراف بـ»يهودية إسرائيل»، وهي القضية التي طرأت على سطح التفاوض الفلسطيني الإسرائيلي بوصفها شرطاً تعجيزياً يُراد فرضه على المفاوض الفلسطيني، كدلالة نهائية على تخليه عن «الحق» و»الرواية»، حق اللاجئ في العودة إلى وطنه، وحق الأقلية الفلسطينية في المواطنة المتساوية، كمواطنين أصليين أفراد وكأقلية قومية على حد سواء...أما «الرواية» فيراد للفلسطيني أن يعترف بالرواية الصهيونية عن «الوطن القومي» و»أرض المعياد» و»أرض بلا شعب...»، إلى غير ما هنالك من «أساطير مؤسسة للدولة العبرية».

في استحقاق أيلول، الذي تراهن السلطة والرئاسة الفلسطينيتان عليه بكل قوة، بل وتعتبرانه «محك النجاح والفشل ومعيارهما»، بدا أوباما إسرائيلياً أكثر من نتنياهو نفسه...لقد استعار من كتابات الإسرائيليين وتصريحاتهم العبارات والمفردات ذاتها...رفض الذهاب بـ»مشروع الدولة الفلسطينية» إلى الجمعية العامة...وهو رأى فيه محاولة لعزل إسرائيل، محكوم عليها بالفشل، متعهداً بأن يقف لها بالمرصاد...وهو تبنى التفسير الإسرائيلي لهذه الخطوة، والقائل بأنها محاولة لتجريد إسرائيل من «شرعيتها»....وهنا يتعين علينا أن ننتظر لنرى ما الذي ستفعله السلطة والرئيس ومن ورائهما الجامعة العربية، بعد هذه «الضربة الاستباقية والإجهاضية» لآخر الأوراق والتوجهات الفلسطينية والعربية.

أما في موضوع المصالحة الوطنية الفلسطينية، فقد بدا أوباما متبنياً بالكامل للموقف الإسرائيلي الذي أعلنه نتنياهو صبيحة اليوم التالي لتوقيع اتفاق القاهرة...حماس منظمة إرهابية، ولا بد لها أن تقبل بشروط الرباعية الثلاثة، من الاعتراف بإسرائيل إلى نبذ العنف مروراً بالالتزام بالاتفاقيات المسبقة، وهو طالب القيادة الفلسطينية، بأن تجيب عن سؤال: كيف يمكن التوفيق بين الالتزام بالسلام وخيار المفاوضات من جهة، وإدماج حماس في النظام السياسي الفلسطيني من جهة ثانية...موقف أوباما هذا سوف يضع الكثير من العراقيل في طريق تنفيذ اتفاق القاهرة، تماماً مثلما حصل في مرات سابقة، حين أحبط «الفيتو الأمريكي» اتفاقي مكة وصنعاء.

لكل هذه الأسباب، لم يجد محللون إسرائيليون جديّون من وزن جدعون ليفي وألوف بن، سبباً لغضب نتنياهو وانزعاجه، بل اقترحا عليه الاكتفاء بما قاله الرجل، وإرسال بطاقات الورود إلى البيت الأبيض، فقد أنجز أوباما المهمة نيابة عنه، وباتت مهمة رئيس الوزراء الإسرائيلي في واشنطن أقل صعوبة.

ولهذه الأسباب ذاتها، نرى أن خطاب أوباما الذي وصف بـ»التاريخي»، لم يكن كذلك في كل ما مسّ القضية الفلسطينية، وإن كان قد سجل تطوراً ملحوظاً في موقف واشنطن من «ربيع العرب»، وهو تطور نرحب به وندعو لتعميمه، فلا يظل أسير المعايير المزدوجة، سيما وأن الرجل كان انتقائيا في انتقاد الأنظمة التي لجأت للقوة والعنف في قمع شعوبها، ولم يأت على ذكر دول أخرى، قمعت طموحات شعوبها وهي في المهد، ودائما بدواعي «الاستقرار» و»الأمن» و»النفط» و»إسرائيل». ( الدستور)
 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات