أوباما.. ضرب كف..وتعديل طاقية!

لم يكد اوباما الرئيس الأميريكي يتمتع بخطابه الذي خصصه للشرق الأوسط حتى جاءه رئيس الوزراء نتنياهو ليصادر متعته ويعلن بالعريض جهاراً نهاراً انه لا يقبل حدود (67) وأنه ليس في وارده أي انسحاب..
ومع كل هذا الانتظار لخطاب قيل انه الأهم، وقيل انه يفتح الأفق الا أن هذا الأسلوب الذي وصفناه في العنوان ويمكن ان نصفه أيضاً بانه ضربة على الحافر وأخرى على المسمار في موازنة ما سيقول وبالتالي الانتصار لاسرائيل دائماً وجعل كفتها راجحة فما زالت الادارة الأميريكية تشتري الوقت لاسرائيل ولا تجبرها على بيع أي شيء مما اشترت أو تقديم أي خطوة باتجاه السلام..فالدولة الفلسطينية التي اقترب أوباما من وصفها أكثر من حيث الحياة والحدود وتبادل الأراضي لم يقل لنا كيف ستقوم وكيف ستنزل من خارطة يمكن تعليقها على الجدار الى دولة محسوسة تتعامل مع الدول وتساهم في حفظ حقوق شعبها..فقد أبقى المسألة معلقة ومعومة، فهو ضد العنف والكفاح المسلح وكل أشكال النضال لاقامة الدولة الفلسطينية وهو أيضاً ضد أن يقول الفلسطينيون «آخ» او يذهبوا ويشتكوا إلى الأمم المتحدة ويعرضوا فكرة اقامة الدولة الفلسطينية من خلال هذه الأمم سواء هيئتها العامة أو مجلس الأمن في أيلول القادم موعد انعقاد الجمعية العامة..بل انه يضع العصا أمام الراعي ويدعو الفلسطينيين الى عدم القيام بذلك لأن في ذلك على حد تعبيره مضيّعة لعملية السلام التي ما زال يفترض انها موجودة ومضيعة للوقت وان ذلك لا يفيد الفلسطينيين بل يستعدي عليهم وبالتالي يجعل الولايات المتحدة تجدد الفيتو في وجوههم..وأعتقد ان خطاب أوباما كله من حيث الاعداد واطلاقه في هذا الوقت انما يستهدف هذه النقطة تحديداً وهو ثني الفلسطينيين عن طلب اقامة دولتهم عبر الأمم المتحدة وتحذيرهم من ذلك ان فعلوا وبالتالي ابقاء الأمور على ما هي عليه..
كيف يمكن أن نفهم اقامة دولة فلسطينية لا بالحرب ولا بالسلام ولا بالضغط الأميركي حين يقول أوباما انه «لن يضغط على اسرائيل او يجبرها على قبول ذلك» أي أنه سيبقى على مواقف نتنياهو وحكومته المتطرفة التي قالت بعد ساعات من الخطاب وبصوت عال انها ترفض مضمون الانسحاب ولا تقبل وأن مشكلتها هي في المصالحة الفلسطينية التي اختارها عباس وأنها ما زالت تخيره بينها وبين ما هو سائد من وضع قبلها..!!
اذن اوباما يتكلم في فراغ حين لا يقبل الموقف الفلسطيني الذي يستعمل الوسائل السلمية في الذهاب الى الأمم المتحدة لتوليد الدولة الفلسطينية وحين لا يقبل أي شكل آخر ويبقي المسألة برسم الوعظ والتطلع والتمني على دولة يقودها اليمين المتطرف ولا تعرف أي معنى لهذه المفردات وما زالت توغل في الاستيطان والاحتلال والمصادرة ومزيد من البناء عشية خطاب أوباما..
ولأن الفعل الاسرائيلي ظل دائماً يجُبُ كل ما تفعله الادارات الأميركية من مبادرات تجاه القضية الفلسطينية فإن نتنياهو اعاد في زيارته الأخيرة أمس الأول الأمور الى نقطة الصفر وكسب ايضاً تحذير أوباما للفلسطينيين أن لا يذهبوا للأمم المتحدة وجعله يحارب معركة اسرائيل بصورة لا تكلف اسرائيل شيئاً وتمنع عنها الاحراج المتزايد أمام العالم لو انها فعلت هي ذلك.. ( الراي )