سقوط الناتج المحلي الإجمالي

ما زال الناتج المحلي الإجمالي هو المؤشر الأهم والأكثر استعمالاً في قياس الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للبلدان المختلفة سواء من حيث حجمه، أو معدل نموه السنوي، أو حصة الفرد منه.
ولكن الناتج المحلي الإجمالي يتعرض للتحدي، فعلماء الاجتماع والسياسة يكرهون هذا المؤشر الذي لا يقول شيئاً عن نوعية الحياة، الخدمات الصحية، التعليم، الثقافة، البنية التحتية، عدالة التوزيع، إلى آخره.
المطالبة مستمرة بمؤشر اقتصادي واجتماعي بديل، وقد أصبحت رسمية عندما طلب الرئيس الفرنسي ساركوزي من مجموعة من العلماء البحث عن مؤشر بديل يقيس التقدم الحقيقي والنجاح في مجتمع معين أفضل من الناتج المحلي الإجمالي، ولكن للأسف لم يتم حتى الآن التوافق على مؤشر أفضل يلقى القبول العام.
في هذا المجال يبدو أن أقرب المؤشرات الاجتماعية لقياس التقدم هو الرقم القياسي للتنمية الإنسانية الذي تصدره إحدى وكالات الأمم المتحدة.
بانتظار اتفاق الاقتصاديين على مؤشر يقيس التقدم والإنجاز ونوعية الحياة، فإن الناتج المحلي الإجمالي في حالة الأردن بالذات لا يعطي الصورة الصحيحة للحالة الاقتصادية. يكفي القول أن الناتج المحلي الإجمالي لا يشمل حوالات المغتربين الواردة، وحوالات الوافدين الصادرة، وأرباح وفوائد الأموال الأردنية في الخارج، وفوائد الدين العام الأجنبي المحول للخارج، والمنح الخارجية المدفوعة للخزينة.
هذه العوامل التي يتجاهلها الناتج المحلي الإجمالي لا تصنع فرقاً كبيراً في معظم البلدان الكبيرة، أما في الأردن فلها أهمية بالغة لأنها كبيرة جداً وتغير الصورة.
أخذ هذه العوامل بالحساب يوصلنا الى الناتج القومي الإجمالي، وهو أكثر صدقاً في التعبير عن الواقع الاقتصادي للمجتمع الأردني.
الناتج المحلي الإجمالي يقيس القيمة المضافة التي تتحقق في الأردن بصرف النظر عما إذا كان يقوم بها أردنيون أم غير أردنيين، أي أنه ينظر في الإنتاج من منطلق جغرافي. أما الناتج القومي الإجمالي فيمثل ما يقوم به الأردنيون داخل الأردن وخارجه.
دائرة الإحصاءات العامة تعطينا أرقام الناتج المحلي الإجمالي كل ربع سنة، ولكنها لا تولي الناتج القومي الإجمالي ما يستحق من عناية مع أنه أكثر فائدة للمخطط الاقتصادي وصانع القرار الأردني. ( الراي )