إنقـاذ الشـركات المتعثـرة!

من أبرز وزراء الصناعة والتجـارة الذين تعاملوا مع مشكلة الشركات المتعثرة الدكتـور رجائي المعشر الذي جاء إلى الوزارة في وقت كان التعثر شائعاً بين شركات كبرى كلفت عشرات الملايين من الدنانير، وكانت جزءاً من خطـط تنمية عشوائية.
المعشر تعامل مع كل حالة على حـدة، فهناك شركات متعثرة تم دمجها مع شركات ناجحـة مماثلة، وهكذا أدمجت شركة صناعة الأسمدة بشركة مناجم الفوسفات، وأدمجت شركة إسمنت الجنوب مع شركة مصانع الإسمنت الأردنية. أما شركة البوتاس العربية، التي كانت على وشـك الانهيار، فقد تقـرر حقنهـا بالسيولة عن طريق زيادة رأسـمال الحكومة فيها. وهناك شركات تمت إعادة هيكلتها وتحويل دائنيها إلى مساهمين فيها، وهكذا.
في حينـه تعرضت هذه الإجراءات للانتقـاد، فما ذنب شـركة ناجحة لكي تتحمل عبء شركة فاشلة، ولماذا تلقي الخزينة أموالاً جيـدة وراء أموال هالكـة، وكيف يتحول الدائن إلى مساهم رغم أنفـه. بل إن السؤال الكبير ظل معلقاً وهو: لماذا يجب إنقاذ شـركة فاشـلة، ففي السوق نجاح وفشل، وعلى كل فاعل في السوق أن يتحمل نتائج قراراته وسياساته.
تعثر الشـركات ظاهرة مسـتمرة، فهناك دائماَ شركات صاعدة وأخرى هابطة، وليس عيباً أن تتم تصفية شركة متعثرة ليتحمـل مساهموها نتائج استثمارهم في مشروع فاشـل، وكل وزير صناعة وتجارة جديد يجـد أمامه التحـدي الأول: ماذا يفعل لإنقاذ الشـركات المتعثرة حرصاً على صغار المستثمرين والعاملين فيها.
جاء الوقت لوضع سياسـة معلنة للتعامل مع الشـركات المتعثرة، فهـل تتحمل الخزينة كلفـة دعمها مالياً لتأجيل المشـكلة، أم يتـم دمجهـا بشركة أخرى ذات نشاط مماثل أو مقارب، أم تجـري إعادة هيكلتهـا بالتعاون مع الدائنين.
لجنة الحوار الاقتصادي أوصت الحكومة بتأسيس صندوق تعثر الشركات، فهي تريد تخصيص المال العام لإنقاذ مشاريع فاشلة.
الحل الجراحي الصحيح هو تصفيـة الشركات الفاشـلة، أما إذا كانت هناك ظـروف معينة تدعـو للإبقاء عليها، فإن الحل الأمثل هو عزل إدارتها وبيعـها ليتحمل رأس مال المساهمين الخسارة، فإن لم يكـف تحمل الدائنون وغيرهم حصتهم وفـق سـلم أولويات معروف. وفي جميع الحالات يجب التفرقة بين إنقـاذ الشركة المتعثرة وإنقاذ الإدارة الفاشـلة. ( الراي )