عام حاسم !!

تم نشره الثلاثاء 31st أيّار / مايو 2011 12:14 صباحاً
عام حاسم !!
خيري منصور

المقارنة بين ما يسمى ربيع العرب الآن وبين ربيع أوروبا عام 1848 بها الكثير من التعسف التاريخي، ليس فقط بسبب فوارق هي من صميم التطور السياسي والثقافي واستكمال شروط الهوية، بل لأن ربيع العرب ليس كله أخضر، لأن هناك من يرون بأن التزامن الدراماتيكي بين حراك الشعوب يتجاوز العدوى الى ما هو أبعد، وان كان هناك عام حاسم كان له من النفوذ على أكثر من ربع قرن من الاحداث فهو عام 1979 الذي شهد عدة انعطافات سياسية، بدءاً من كامب ديفيد وبداية تعبيد الطريق الوعر بين واشنطن وبكين والثورة الايرانية، ومن ثم التمهيد لحرب السنوات الثماني بين بغداد وطهران.

ذلك العام استوقف عدة مؤرخين في العالم بسبب كثافة أحداثه وكان أشبه بالنهاية القسرية للقرن العشرين الذي اعتبر بمقياس يتجاوز التقاويم الكلاسيكية لتحقيب التاريخ اقصر قرون الالفية الثانية، لأنه بدأ بالفعل عشية انتهاء الحرب العالمية الاولى وأسدل عليه الستار مع نهاية الحرب الباردة وبالتحديد مع سقوط سور برلين!

وهذا العام الذي دشنته تونس بحركة شعبية أنهت اكثر من عشرين عاما من حكم زين العابدين في عشرين يوماً فقط، ثم تمددت الى مصر حيث حدث الشيء ذاته وانتهت مرحلة الاربعين عاما من حكم مبارك في أربعين يوما، هو عام حاسم وفارق بعدة امتيازات، واذا قدر للحراك المشتعل الآن في أكثر من مكان عربي أن يتواصل اضافة الى اصرار الفلسطينيين على اعلان دولتهم في ايلول القادم، فان ليلة راس السنة لعام 2012 لن تكون مجرد عناق بين عقربي الساعة في منتصف الليل، ولن تكون ايضا باردة كمثيلاتها في بقية الأعوام، لكأن المقرر بشكل أو بآخر هو أن يكون العالم العربي في يناير القادم غير ما كان عليه لنصف قرن، فالتسارع في الأحداث لا يتيح لأحد منا ان يتريث في أية قراءة سياسية او حتى غير سياسية لهذه الدراما، ولهذا تغلب الافقية والتوصيف السطحي على معظم المتابعات لما يجري، لأنها لا ترى الغاطس من جبل الجليد في الدم وليس في المحيط!

وحين يكون الانفجار تعبيرا عن تراكم من كظم الغيظ، وما تم تأجيله خلال عدة عقود بأن الاعراض المصاحبة لهذا الانفجار لا يمكن التعامل معها على انها جانبية، فالخلخلة الآن تعصف بنسيج كامل، بأبعاده وخيوطه الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والاعلامية، وما كان للتو من المسلمات أصبح عرضة للشكوك، ولعل المخفي هو الاعظم في هذه المشاهد التي لا يظهر منها غير القليل والمرئي على الشاشات، وأخطر ما في هذه المسألة ان النظام العربي أصبح بمرور الوقت واحتكار السلطة هو العدالة ذاتها، بحيث يقترن سقوطه بتفكيك الدولة، خصوصا في البلدان التي حكمها حزب واحد، لهذا فالتداعيات والترددات لن تظهر في المدى المشهود بالعين المجردة، وما يحجبه الآن الكثير من سحب الدخان والغبار قد يكون الاشد تأثيرا على مستقبل امة برمتها!

عام حاسم، ليس فقط بما حدث فيه منذ شهره الأول، بل بكل ما سوف يترتب على ذلك خلال عقود مقبلة! ( الدستور)
 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات