الهيكلة والدمج .. العودة الى الاصل

لا ابالغ ان وصفت عملية تفريخ المؤسسات والهيئات المستقلة التي تمت في السنوات القليلة الماضية بانها جاءت ضمن عملية شبهة فساد قام بها مسؤولون تساقطوا على الدولة بالبراشوت, وارادوا الالتفاف على الدستور والقانون وتسخير الموارد لصالحهم.
العدد الكبير لتلك المؤسسات التي لا لزوم للكثير منها يفسر جزءا كبيرا من اسباب المديونية المتراكمة على الدولة وتنامي العجز, لان تلك المؤسسات مارست انفاقا خارج خطة الدولة وهي الموازنة, وباتت في غناء خارج سرب الدولة.
نظام التفريخ لتلك المؤسسات والقوانين الخاصة التي تم وضعها في هذا الصدد خلقت نظاما وظيفيا خاصا للعاملين فيها وكأنهم في دولة غير الاردن, فحصلوا على رواتب وحوافز وعلاوات اضعاف ما يتقاضاه نظراؤهم في ديوان الخدمة المدنية رغم تشابه الانجاز والوصف الوظيفي لهما معا .
اليوم تمضي الحكومة حاسمة لاعادة الاعتبار للعدالة الاجتماعية بين ابناء القطاع العام وازالة التشوهات الحاصلة بين الاغلبية العظمى وبين فئة قليلة جدا تحصد الاخضر واليابس من موارد الدولة.
محصلة اعادة الهيكلة ودمج المؤسسات تعني ببساطة ان هناك ما يقارب الخمسة الاف موظف او يزيد قليلا في المؤسسات المستقلة سيتم تخفيض رواتبهم بعد ان يتم وضع اسس جديدة للراتب الاساسي والعلاوات في حين ان بقية العاملين في الجهاز المدني ستزيد رواتبهم وفق اسس موحدة للجميع لا تمييز وتفريق إلا على اساس الخبرة والكفاءة والانجاز.
اعادة الدمج تعني عودة المؤسسات المستقلة الى حضن الدولة, وبالتالي الكل يتطلع الى ذلك الوقت الذي تتوحد فيه المالية العامة والقرارات المالية ضمن قانون الموازنة والغاء التشوهات والاختلالات الحاصلة في هذا الشأن
ازالة الفجوة في هيكلية الرواتب ودمج المؤسسات مشروع لن يمر بسلام, فهناك لوبي تشكل من ابناء الذوات الذين يعملون في تلك المؤسسات ويتقاضون امتيازات كبيرة يسعون للحفاظ عليها وعدم التنازل عنها على اعتبار انها حقوق مكتسبة لا يجوز المساس بها, الحكومة بحاجة الى دعم حقيقي لتنفيذ هذا المشروع. ( الراي )