با الراحة يا هلباوي ، براوو يا العربي
كانت هذه هي تصريحات الدكتور كمال الهلباوي المتحدث الاسبق لجماعة الاخوان المسلمين في الغرب خلال مقابلاته مع وكالات الانباء الشبه رسمية الايرانية الذي تحدث فيها عن موضوع تطبيع العلاقات المصرية الايرانية . عاد الهلباوي الي مصر مطلع الشهر الماضي بعد انتصار الثورة المصرية المجيدة و رحيل الدكتاتورية .
صرنا كلما نفتح المواقع الاخبارية الايرانية علي شبكة الانترنيت و نتطلع الاخبار نشاهد الدكتور الهلباوي يصبح علينا من خلال المقابلات التي تجريها الوكالات الاخبارية التابعة للحرس الثوري الايراني مثل وكالة فارس و مهر معه و كانه يتحدث نيابة عن جماعة الاخوان المسلمين . و اصبحت اطلا لاته اليومية علي المواقع الاخبارية الفارسية مثيرة للغثيان و اشاداته بجمهورية ولاية الفقيه و ضرورة تطبيع العلاقات المصرية الايرانية مثيرة للكثير من الشكوك . و كانما ياتي كل ذلك بحسب الطلب منه ليتبني مهمة التنظير و التاكيد علي تطبيع العلاقات بين ايران و مصر علي وجه السرعة و نجده علي عجالة من امره .
و ذلك ما يثير الكثير من التسائلات من هذا العضو الاخواني المصري و من وقوفه و دفاعه المميت من اقامة العلاقات بين مصر و الجمهورية الاسلامية الايرانية في الوقت الحاضر . الوقت الذي تكون مصر قد خرجت للتو من ثورة شعبية مجيدة اطاحت با الديكتاتور العتيق حسني مبارك من جانب و من جانب اخر ، المؤسسات الديمقراطية لم تكتمل لحد الان و لم يكن هناك برلمانا ليناقش موضوع اعادة العلاقات مع ايران او عدم اقامتها او كيفية العلاقة التي ستعتمدها مصر الكنانة مع الحكومة الايرانية .
البلد بحالة بناء اولي لمؤسساته و ادارته . البلد الذي لم تندلع ثورته العارمة الا من اجل مأسسة البلاد و دمقرطته كي لا تكون كلمة فخامة الرئيس او الباشا هي كلمة الفصل و ان لا تصول المخابرات و تجول و تسجن و تنتهك حقوق الانسان و حرمات المواطنين في هذا البلد دون حسيب و لا رقيب.
هي ليست جديدة هذه الاطروحات من الهلباوي اذ سمعنا منه قبل شهور ايضا و من علي شاشة قناة ال بي بي سي الفارسية و قناة العالم الاخبارية الايرانية و غيرها من القنوات الفضائية يمدح باعجاب كبير المرشد الاعلي للجمهورية الاسلامية و احمدي نجاد مجندا لهما اعلاميا و منبهرا فيهما و يتمني ان تكون هناك قادة في العالم العربي مثلهم و ينبغي الاحتذاء بهم .
وخلال لقائه التلفزيوني المباشر مع شبكة "بي بي سي " باللغة الفارسية، اشاد الهلباوي با المرشد الاعلي ، وأعرب عن امله " في ان يتمكن الشعب المصري في المستقبل ، العيش في ظل حكومة صادقة ومخلصة كالحكومة الاسلامية في ايران وان يحكمه رئيس شجاع ومخلص كالرئيس الايراني محمود احمدي نجاد. "
وفي جانب آخر من حديثه مع وكالة مهر الشبه رسمية القريبة من الحرس الثوري الايراني دعا الهلباوي الى تعديل الدستور في مصر بالشكل الذي يسمح لجميع ابناء الشعب بانتخاب ممثليهم في البرلمان بصورة حرة ونزيهة، ويمكنهم من اختيار شكل الحكم الذي يرغبون فيه.
فنقول للدكتور الهلباوي با الراحة با الراحة . و نتذكر لكمال الهلباوي بعض التذكيرات لعلها تنفعه في اتقاء الله .
اولا " هذه من دواعي الفخر و الاعتزاز و الشرف ان تكون علاقات بين بلد ما و بين ام الدنيا مصر ارض الكنانة و هذه امنية ااكثير من ضمنهم الرئيس الايراني احمدي نجاد عندما قال اثناءلقائه وفدا شعبيا مصريزور ايران حاليا بانه من امنياته ان يزور مصر .
لكن الحديث هنا يدور حول كيفية هذه العلاقة الثنائية و منهجية الدخول الي عملية اقامة هذه العلاقات و فلسفة توسيعها و الزمان و الظرف المناسب و العشرات من الاسئلة التي تكون مطروحة امام المسؤولين بين الجانبين علي اعلي المستويات السياسية الديمقراطية منها طبعا ، ليتم الاقرار باقامة علاقة ما ببلد او عدم اقامتها و مستويات تلك العلاقة . و لكن ما لم يختلف عليه اثنان هو ان هذه العلاقات ينبغي ان تقام با الطرق المعروفة السائدة بين البلدان و التي بينتها القوانين و الاعراف الدولية . و العلاقات يجب ان تكون قائمة علي احترام الطرفين لكن بهذا الفرق انه ينبغي ان يكون الهدف منها خدمة مصلحة البلدين السياسية و الاقتصادية و السياحية و الي اخره و ليس التخريب و التغلغل و الاختراق الاستخباري و التحريض .
لكن ما هو مرفوضا في الاعراف و القوانين و التشريعات الدولية هو التسلل الي بلدا اخر و الدخول اليه من فوق الجدران كا اللصوص و اعتماد الاساليب غير الشرعية و غير العرفية و ليس الاجرائات الشرعية المتبعة بين البلدان و الاعراف السائدة . و هذا ما قامت به ايران و عملت و صرفت الكثير لاقامة هذا النوع لا نقول العلاقات و انما عدم احترام و انتهاك سيادة بلد مستقل ذات موقع تاريخي و اسلامي استراتيجي مثل مصر .
ليس خفيا للمراقبين ، النهج الذي انتهجته ايران بعد انتصار ثورة الشعوب عام 1979 لتصدير ثورتها الي سائر البلدان الاسلامية بدءأ من العراق و الكويت و البحرين و المملكة العربية السعودية وصولا الي مصر و الجزائر و السودان و حاليا في مختلف البلدان الافريقية التي تعاني من حروب داخلية و ازمات اقتصادية و مجاعة . اذ صارت تعمل علي تكوين جماعات شيعية تمولها و تدربها ايديولوجيا مع بذل الكثير من الاموال هناك بسمات مختلفة ، تارة بناء المستشفيات و تارة باسم المراكز الثقافية .
هل هذه هي ايران التي يريد الهلباوي ان تحتذي بها البلدان الاسلامية . ايران التي تنتهز الثقرات الاقتصادية و الاجتماعية و الاوضاع الانسانية المتردية في البلدان الفقيرة ، من اجل ضخ المذهب التشيع الصفوي خدمة لاغراضها التوسعية و الهيمنة و تمهيدا لتوسيع موطئ قدما لها في هذه البلدان ؟
يا دكتور الهلباوي – ان ايران التي معجبون انتم بها اخر الاعجاب هي تقوم بمتابعة اهدافها المنافية للشرائع الدولية و الاعراف المتبعة بين الحكومات و المنافية للدين الحنيف و حسن الجوار با الطرق التي اتقنتها ايران منذ نشوئها و علي مر امبراطورياتها .و التاريخ خير شاهد علي ذلك .
اذا اردنا ان ان نبين الدور الايراني الشيطاني في الخليج نري هذه الاساليب مختلفة تماما نوعا ما مع اساليبها في غيرها من المجتمعات لكن يبقي الهدف واحد و هو خلق اوراق الضغط ليس من اجل التعايش الانساني و توسيع العلاقات الثقافية و الاقتصادية و الاجتماعية السليمه و الطاهرة بل من اجل توسيع هيمنتها و تغلغلها في الشعوب للتدخل في شؤون الحكومات و توظيفها لعناصر مرتزقة مأجورة لها تنتظر ساعة الصفر و تلقي اوامرها من العاصمة الايرانية ، خدمة لمصالحها اللا شرعية كما نشاهد ذلك في العراق و في لبنان و هو باين للجميع و لا نتطرق اليه .
ففي الخليج العربي ليس هناك فقيرا مثل الشعب المصري الابي الذي جوعه نظام الحكم الاستبدادي الذي جثم علي رقبته لاكثر من ثلاثة عقود من الزمن ، كما لم يكن احدا من اتباع المذهب السني في مجتمعات منطقة الخليج العربي لينخدع لا باالدولارات المسروقة من عائدات النفط الاحوازي و لا بشيعية ايران، حيث التقارب الجغرافي و الامتداد الثقافي و الانساني بين ضفتي الخليج العربي ، اماط لثام الزيف و التناقض من وجه هذا النظام المخادع ، لكن صارت الحكومة الفارسية تعمل من خلال اساليب قذرة لتحقيق مأربها الاقذر و ذلك عنطريق العمل و الرسمنة علي العناصر المطروده المعزولة من هذه المجتمعات ، مثل بعض جهلاء الشيعة في البحرين و بعض الشيعة المعطلة عقولهم في المنطقة الشرقية الذين يطوفون حول كعبة ايران و هم في المملكة العربية السعودية . كما لا ننسي ما قامت و تقوم به بين اوساط الشيعة الزيديين في اليمن و اثارة قضية الحوثيين بدءا من تسليحهم و تحريضهم وصولا حتي اشعاله الذي حصد الكثير من الابرياء من الشعب اليمني .
بعد ان صارت موجات الثورة الشعبية العارمة ترتطم شيئا فشيئا في مصر لتلتحق ببعضها لتهدم اركان الدكتاتورية و عندما دخلت مصر في حالة من الفراغ السياسي ، قامت ايران حينها بالاسراع في نشاطاتها الاستخبارية التسلقية سوائا في تحريك خلاياها التي قد هياتها خلال السنوات الماضية ايديولوجيا و ماديا للقيام باعمال استخبارية علي ارض الكنانة و مصر العروبة و نذكر منهم فئة قامت ايران باحتضانهم و ايوائهم و هم اعداد من الشباب اللذين انخدعوا بدعايات ايران و تشيعوا و صاروا يهددون الامن القومي المصري و مطاردين من السلطات الامنية . بعض من هؤلاء قد يكون اصبحوا نواة لحزب الله مصري في المستقبل و عقبة امام نمو شجرة الديمقراطية التي قدم الشعب المصري الغالي و النفيس و دماء خيرة شبابه لاروائها ، او من خلال ارسال عناصر ممن تتقن اللغة العربية من قوات جيش القدس التابع للحرس الثوري الايراني الذي ياخذ تعليماته مباشرة من المرشد الاعلي لتقييم الاوضاع عنقرب و ارسال التقارير عنطريق المراكز الثقافية الايرانية و غيرها من المراكز التمويهية .
و من هذه النشاطات نذكر ايضا ما قامت بها ايران من خلال حزب الله اللبناني مولود الغير شرعي لايران في لبنان و قضية خلية حزب الله التي كانت تنشط علي الاراضي المصرية و اوقفتها السلطات المصرية و اتهمتها ب "انتهاك السيادة المصرية " والإعداد لـ "أعمال إرهابية لتعزيز موقعها في هذه المنطقة العربية الهامة جيوستراجيا ، مثل ما تقوم به الان في لبنان .
كثيرة هي نشاطات ايران الاستخبارية بغطائات ثقافية و مذهبية و انشطة خيرية . فقبل اسابيع كانت محاكمة خلية التجسس التابعة للحرس الثوري و الاستخبارات الايرانية في الكويت و كانت اعضاء الخلية تابعة للحرس الثوري تتكون من عناصر شيعية استقلتهم ايران للقيام باعمال استخبارية ضد حكومة مستقلة و معتدلة مسالمة كا الكويت الداعمة و المساندة دائما لقضايا الامة العربية و الاسلامية .
الحكومة الايرانية لم ترحم و لا تحترم حتي اصدقائها الاستراتيجيين كسوريا ، حيث تقوم هناك ايضا بمزاولة انشطتها التبشيرية في المحافظات السورية و بذل الدولارات مقابل التشييع و هنا ايضا منتهزة الثقرات الاقتصادية و الاوضاع الاقتصادية المتردية و العوز السوري بضخ الدولارات النفطية المسروقة من عائدات النفط الاحوازي لبسط موقعها في هذا البلد .
يا سي هلباوي كل هذه الممارسات المنافية و المرفوضة هي من هذه الحكومة التي تنادي و تدعو لاقامة العلاقات معها و تعتبر ذلك لصالح الامة العربية و الاسلامية ؟
هل تدرك يا سي هلباوي، حجم الجريمة التي ارتكبها قادة النظام الذي تتمني انت ان تكون هناك قادة مثلهم ( خلال مقابلة له مع قناة ال بي بي سي ) بحق الشعب الاحوازي و سائر الشعوب الايرانية المظلومة ؟
ماذا تقول يا سي هلباوي هل هذه هي الحكومة التي ينبغي الاحتذا بها و اخذ اساليب الحكم الرشيد من مرشدها ؟
با الله عليك يا سي هلباوي هل سمعت يوما ما انه كانت هناك خلية استخبارية لمصر او للكويت او لاي بلدا عربيا القي القبض عليها في ايران ؟
هل تدركون حجم الجرائم التي ارتكبها النظام الايراني بحق اخوانك السنة و الشيعة في الاحواز ؟!.. الم تسمعون بما قامت السلطات الايرانية المعجبون انتم بها من جرائم بحق ابناء الاحواز الذين خرجوا سلميا للتظاهر ؟
الم تسمعون بمصادرة اراضي العرب الاحوازيين ؟
الم تسمعون با الاعدامات الجماعية التي تقوم بها حكومة ولاية الفقيه المفضلة لديكم ؟
الم تدرك كم اسأتم الي الفكر الاخواني في ايران ؟
الم تدرك بان الحكومة الايرانية جعلتك دمية ناطقة لتستخدمك وكالات الانباء الفارسية القريبة من الحرس الثوري و المخابرات الايرانية، كلما شعرت بان الحكومة تحتاج الي تاكيد و تشريع من قوي مصرية ، لبدء علاقتها مع مصر؟
با التاكيد سمعتم عن كل هذه القضايا .
يكفينا ذكر ما ذكرناه للسيد الهلباوي لعله يقلل من اندفاعه بهذا النحو في موضوع اقامة العلاقات مع ايران . و ربما هناك امرا ما نحن لا نعلمه لكن تناقلت عدة مواقع الكترونية تقريرا لوكالة " جرس " السعودية اشارت خلاله الي العلاقات التي تربط الهلباوي بايران عبر عدة زيارات قام بها و لقائه مع العديد من الشخصيات المهمة في حكومة ولاية الفقيه ، كما اشارت بعض المواقع الي دعم مادي تلقته جماعة الاخوان من ايران عبر الهلباوي .
اخر ما سمعناه عن هذه الحكومة الصفوية هو القاء القبض علي الدبلوماسي الايراني شكلا و المخابراتي مضمونا في مصر . ننقل للقارئ الكريم نص الخبر من وكالة الشرق الاوسط حرفيا :
اعلنت القاهرة الاحد 29 مايو/ايار الافراج عن دبلوماسي ايراني متهم بالتجسس بعد اعتقاله لساعات وقررت ترحيله خلال 48 ساعة في قضية تلقي ظلالا من الشك على عملية تقارب حذرة بدأت مع طهران بعد تغيير النظام في مصر.
واكدت مصادر امنية بعد صدور قرار الافراج عن الدبلوماسي الايراني سيد قاسم حسيني انه "سيتم ترحيله خلال 48 ساعة ".
ونقلت وكالة "الشرق الاوسط " عن مصدر مسؤول ان "جهاز المخابرات العامة تمكن من رصد تحركات أحد عناصر وزارة الأمن والإستخبارات الإيرانية الذي يعمل ضمن بعثة رعاية المصالح الإيرانية بالقاهرة لقيامه بمخالفة بروتوكول التعاون الدبلوماسي من خلال قيامه بتكوين عدد من الشبكات الإستخباراتية التي كلف عناصرها بجمع معلومات سياسية وإقتصادية وعسكرية عن مصر ودول الخليج مقابل مبالغ مالية ".
واضافت الوكالة ان "التحريات اوضحت ان الدبلوماسي الإيراني كثف نشاطه الإستخباري خلال أحداث ثورة 25 يناير مستغلا حالة الفراغ الأمني بالبلاد خاصة مايتعلق بالأوضاع الداخلية وكذا الأمنية بشمال سيناء وموقف الشيعة والوقوف على مشاكلهم وأوضاعهم في مصر ".
واشارت "الشرق الاوسط " الى ان الدبلوماسي "طلب من مصادره الوقوف على الجهات والتنظيمات السياسية التي لها شعبية على الساحة المصرية والتي ترغب في الحصول على تمويل مادي من إيران بغرض الإقتراب منها والتنسيق معها ".
اذن كان تصرف الدكتور نبيل العربي نابعا عن الحكمة و اليقضة التامة في رده علي السؤال الذي وجه اليه خلال المؤتمر الوزاري السادس عشر لدول حركة عدم الانحياز الذي عقد بتاريخ 25 مايو / ايار الحاضر ( اربعة ايام قبل القاء القبض علي المدعو قاسم حسيني ) بان قرار استئناف العلاقات اصبح امام البرلمان المنحل حاليا بانتظار انتخابات متوقعة في ايلول/سبتمبر
و باكرا الحديث الان عن تطبيع العلاقات المصرية الايرانية .
صحيح ان الكثير من المراقبين يحللون ذلك ضمن سياق عملية التشويش علي موضوع تطبيع العلاقات بين مصر و ايران جراء ضغوطات مورست من قبل اطراف اقليمية لكنها ايضا بنفس الوقت تحمل في طيأتها رسالة للحكومة الايرانية بان هذه هي مصر العروبة و ارض الكنانة التي ترصد كل شاردة و واردة و لا تطوف عليها لعبة الفأر حيث عيون الاسد لا تنام .
