ثورة في الثورة

بعيدا عن الفرنسي ريجيس دوبريه ومغامراته الفكرية في امريكا اللاتينية فهذا المقال موجه الى الرفاق الذين تاهوا مثل غيرهم في تشخيص ما يجري من ثورات وانتفاضات عربية ... فمن اعتبرها ثورات خالصة من كل شائبة الى من اعتبرها ثورات ملتبسة واحيانا ملونة على الطريقة الامريكية:-
1- اذا كانت الادبيات والدراسات الاشتراكية لا تزال مرجعية لهؤلاء الرفاق فهي مرجعية واضحة وتتحدث عن ثورتين في الثورة, سواء كتابات ماركس وانجلز حول ثورات 1847 في اوروبا وكومونة باريس او كتابات لينين حول ثورة اكتوبر نفسها او كتابات ماوتسي تونغ حول ثورة الصين او كتابات تروتسكي في الثورة المستمرة او كتابات غرامشي حول حرب المواقع ..
فجميعهم تحدثوا عن انخراط اقسام وطبقات وايديولوجيات متعددة في الثورة وعن الطابع البرجوازي الديمقراطي لها في البداية وعن الاصابع الخارجية للرأسماليات العالمية المتنافسة بل ان المخابرات الالمانية تركت لينين يمر الى روسيا في اطار الصراع بين الرأسمالية في البلدين ..
وجميعهم قالوا ان الثورة عملية طويلة معقدة وان مصيرها يتوقف على فن ادارة الصراع عليها بين الطبقات والقوى المختلفة ... وان هذه العملية بقدر ما تعكس شروطا موضوعية تاريخية بقدر ما تحمل اقحامات ترقى الى مستوى المؤامرة ..
وبهذا المعنى, فالثورة مادة صراع بين قوى مختلفة, سواء كانت تقدمية او امبريالية موضوعية او خارجية.. الخ وعليه فليس المطلوب ادانة او تأييد هذه العملية لمجرد ان طرفا تقدميا او رجعيا يشارك فيها, بل الانخراط فيها والصراع عليها.
2- ومن المفارقات الغريبة ما يروجه بعض الرفاق المذكورين عن عسكرة الثورة ضد الرؤساء الدكتاتوريين باعتبار ذلك, حسب هؤلاء الرفاق عملا مشبوها وهو الامر الذي يتناقض كل التناقض مع التقاليد اليسارية ناهيك ان هذا المصطلح ينسب الى محمود عباس وياسر عبد ربه في تعليقهم على العمليات العسكرية للمقاومة... فما من ثورة يسارية لم تكن مسلحة, اما الثورات السلمية فهي من اختراع فلاسفة الثورات البرتقالية امثال شارب وسوروس.. وحسنا ان نذكر هؤلاء الرفاق بموقف الحزب الشيوعي في كوبا والارجنتين من كاسترو وغيفارا, حين اعتبرا عسكرتهما للانتفاضات العمالية والشعبية انذاك عملا مشبوها.
3- كما نذكرهم ايضا بالفرق بين المنطق الميكانيكي والثنائيات المتقابلة, وبين ديالكتيك الافكار والوقائع (وحدة وصراع الاضداد) في الوقت نفسه. ( العرب اليوم )