نكد الحياة على الأحرار

لعلّ أخطر نتائج الثورات العربية يأتي في شرعنة التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية للدول العربية، فطائرات الناتو هي التي تقصف الأراضي الليبية بطلب من ليبيين، وجماهير ميدان التحرير في صنعاء هي التي تنتظر قرارات واشنطن، والشعب السوري هو الذي يطالب بأكثر من عقوبات اقتصادية ضدّ دمشق.
وقبلها كانت أنظار التونسيين في شارع بورقيبة تترقب كلمات كلينتون بفارغ الصبر، وملايين المصريين في أنحاء الجمهورية كانوا يتلهفون لمعرفة الموقف النهائي لباراك أوباما، أمّا البحرينيون في ميدان اللؤلؤة فأصيبوا بالإحباط من مواقف واشنطن وطالبوها بالعدالة!.
«ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى عدواً له ما من صداقته بدّ»، ذلك ما قاله العبقري المتنبي قبل قرون وهذا ما ينطبق تماماً على ما يسمّى بربيع الثورات العربية، فالغرب الذي شكّل الاستعمارين القديم والجديد، والمحتل لأراضينا وعقولنا على دوام الدوام، هو المخلّص هذه المرّة.
ليس ذلك من صنع الثورات وأحرارها، ولا هو حلمهم، ولكنه النتيجة الطبيعية للقمع الحقير الذي تقوم به الأنظمة، وهكذا فنحن نعيش عصر فرح ولكنّ الصداقة التي ما منها بدّ تنغّص علينا حياتنا أيضاً!.