ما يَليقُ بقيامة قَوْمّية!!

تم نشره الأربعاء 15 حزيران / يونيو 2011 12:57 صباحاً
ما يَليقُ بقيامة قَوْمّية!!
خيري منصور

نتساءل.. لماذا لم يستتب الأمن حتى الآن في تونس ومصر رغم مضي شهور على نجاح الثورتين؟ فالنظامان السابقان لهذه الثورة لم يعودا على المسرح حتى لو كان لهما فلول تحاول ارجاع عقارب الساعة الى الوراء..

أليس من حقنا ان نقرأ بأثر رجعي تلك الكيمياء الاجتماعية في عالمنا العربي والتي جعلت من انفجار عدة مكبوتات دفعة واحدة حالة من الفوضى التي أصابت البوصلة بالعطب ولو مؤقتا؟

يبدو ان الصراع لم يكن كما يختزل الآن بين طرفين فقط، هما النظام وتوابعه من أجهزة والناس. فالمجتمعات التي أدت الفوارق الطبقية فيها الى فجوات نفسية وبائية يصعب علينا أن نختزل الصراع فيها الى طرفين فقط، والفقراء ليس لديهم من فائض الوقت والرفاهية ما يكفي لتحديد قائمة بأسباب فقرهم، قد يكون نصيب النظام عندما يكون جائراً ومرتهناً لقوة المال ونفوذ الحزب الواحد الذي يحتكر الدولة هو الأعظم، لكن المجتمع برمته يتحمل العبء أيضاً، فالفقر لم يتم استيراده، بل أنتجته المجتمعات ذاتها بعد أن أصبحت منزوعة العدالة والقيم، وهذا ما يفسر لنا استمرار غياب الأمن بعد أفول نظم استبدادية، وما يقوله علماء الاجتماع عن المجتمعات التي تفرز ما تستحقه من القضاة والمجرمين ومن الأخيار والأشرار بالغ الدقة، وحين كانت المتاحف ومؤسسات الدولة في ثلاث حالات على الأقل هي من أوائل ضحايا العبث والسطو بدءاً من بغداد مروراً بتونس حتى القاهرة، فان الأمر يحتاج الى وقفة معمقة لاستقراء هذه الظواهر بدءاً من جذورها، فالمتاحف مثلاً ليست من منجزات أو ممتلكات أي نظام، لأنها للشعب بمختلف شرائحه وطبقاته وأجياله، ومؤسسات الدولة كذلك، لأنها تبقى بعد رحيل النظم واسدال الستار على رموزها!

ان هناك حلقة مفقودة في هذه الدراما القومية التي تتكرر فيها مشاهد لا يمكن وصفها بأنها استثنائية أو مجرد جمل معترضة في سياق تاريخي ما.

هنا يأتي الدور الأعظم بل دور البطولة المعطل للثقافة، فهي المسؤولة عن تدني مستويات الوعي وعن أزمة الثقة المزمنة بين الفرد والدولة، فكل شيء يخصها مباح وحلال، وهذه ليست مناسبة للدفاع عن أية دولة أو تبرير نواقصها التي أفرزت مصائب شملت الجميع، لكن تثقيف الناس بما يتعلق بالعقد بينهم وبين الدول حذفه الاعلام القبائلي العربي من المعادلة، ففي العراق مثلاً وهو ابوالقانون منذ حمورابي والذي علم الانسان الكتابة على الطين، لم يجد الناس ملاذاً بعد عدة ألفيات من تاريخهم غير المسجد عشية انفجار المكبوت بمختلف أشكاله الطائفية والجسدية والاقتصادية، مما اضطر المعنيين بالأمر الى مناشدة الناس باحضار ما سرق أو ضاع من المتحف او مؤسسات الدولة الى المساجد!

ان الحراك العربي الآن وفي نطاقه القومي ليس حكراً على أحد، والاستخفاف بهذه القيامة القومية يبدأ من قراءات اختزالية لا ترى من جبل الدم لا الجليد الا الطافي منه على السطح..

العرب كانوا منذ زمن على موعد مع لحظة انفجار عظيمة، لأنهم ليسوا من طينة اخرى غير طينة البشر، وهم ادرى من سواهم بأن للصبر حدوداً، لكن تعاملنا كشهود على الاقل مع هذه القيامة يجب أن يليق بها ونفرز أعراضها الجانبية كي نتلقح بأمصالها في ليالينا القادمة!! ( الدستور )
 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات