من يحمي المستثمر المحلي ?

ازدواجية التعامل هي احدى اهم المشاكل التي يشعر بها المستثمر المحلي, لدرجة ان الكثير منهم يتحدث علانية عن محاباة المسؤولين للاجانب ومنحهم افضلية الاستثمار في قطاعات يتطلع الاردنيون للانخراط فيها.
أشكال المحاباة للمستثمر الاجنبي ظهرت في السنوات الاخيرة مع تركيز الحكومات في خطابها الاعلامي الرسمي على توفير جميع الجهود لجذب الاستثمار الاجنبي من دون مراعاة لخصوصية مجتمع رجال الاعمال الاردني الذي تمكن خلال العقود الماضية من تأسيس استثمارات محلية بسواعده الذاتية والاعتماد على موارده المحدودة.
رغم اهمية الاستثمار الاجنبي لاي بلد الا انه في الاردن لم يكن لينمو بالشكل الذي يتطلع اليه راسم السياسة الاقتصادية, صحيح ان هناك ما يناهز الـ 43 بالمئة ملكيات السوق المالي للاجانب, لكن علينا ان نفرق في شكل ذلك الاستثمار, فجزء كبير منه تأسس في الاردن منذ عقود نتيجة المساهمات العربية في الشركات الكبرى مثل الفوسفات والبوتاس والبنوك.
ما يهمنا حول التطور السريع في تنامي الاستثمار الاجنبي, هو ان معظم الاستثمارات التي قدمت للمملكة في السنوات العشر الاخيرة كان نتيجة تضحيات حكومية كبيرة لجذب تلك الاستثمارات خاصة في مجال العقار والسياحة, حيث تنازلت الحكومة عن ملكياتها في بعض الاراضي الحيوية التي منحت لمستثمرين أجانب مقابل شراكات بسيطة في تلك المشاريع, والحقيقة انه لم يكن لتلك المشاريع ان ترى النور لولا تلك الاراضي التي منحتها الحكومة اضافة الى توفر سيولة داخلية مكنت هؤلاء المستثمرين من الاقتراض داخليا لتمويل مشاريعهم, وحتى يومنا هذا لا يوجد غير مشروع واحد تقريبا جرى تمويله من الخارج, حتى ان احد المصارف الذي جرى تأسيسه مؤخرا في المملكة على اعتبار انه استثمار خليجي, في الحقيقة معظم رأسماله هو عبارة عن قروض من بنوك اردنية.
اما المستثمر المحلي فانه يعاني "الامرّين" من سلوكيات رسمية ساهمت في كثير من الجوانب بتقليل تنافسيته وتضييق الخناق عليه, فالصعوبات تتراكم عليه من تشدد البنوك في منحه التسهيلات اللازمة وضيق الاسواق الداخلية وحالة الاغراق الناجمة عن انفتاح الاقتصاد الاردني على مصراعيه للصناعات الاجنبية والتطبيق الحرفي لاتفاقيات التجارة الحرة في الوقت الذي تتنصل به الكثير من الدول من الالتزام بها, اضافة الى ارتفاع تكاليف الانتاج والافتقاد للمهارات الانتاجية المؤهلة.
نعم للاستثمار الاجنبي, لكن الاستثمار الذي يحقق القيمة المضافة والمرجوة للاقتصاد الوطني من حيث جلب التكنولوجيا ورأس المال وخلق فرص عمل للاردنيين وتعزيز عملية التنمية المستدامة, أما ان نأتي باستثمار ليحصل على دعم حكومي سريع ثم يحول ارباحه للخارج ويبقى بانتظار المساعدات الرسمية لانجاز مشاريعه فهذا امر فيه مغالطة كبيرة, وان صح فان الاولوية يجب ان تكون للمستثمر المحلي. ( العرب اليوم )