توصيـات لا تعنـي شـيئاً

يحتفظ كتـّاب المناسبات بمقالاتهم لإعادة نشرها في نفس الموعد من السنة القادمة ، فالأرجح أن شيئاً لن يتغير ، وإن ما قيل بالأمس يمكن أن يقال اليوم ، خاصة وأن ذاكرة الناس ضعيفة ، ولا تتابع المقالات البروتوكولية.
يقال أن أحـد المتحذلقين كتب خطاباً يسـتطيع أي مسؤول أن يلقيـه في أية مناسبة وطنية ، وفي كل زمان ومكان ، لأنه لا يقول شـيئاً قد يستوجب التغيير والتحديث ، فالعبارات فضفاضة والشـعارات رنانة والنبرة عالية.
مثل هذا يحـدث في حالة الكاتب الاقتصادي الذي يسـتطيع كتابة مقال يعني كل شـيء أو لا يعني شيئاً ، ومع ذلك يجتذب التصفيق بسبب اللجوء إلى اصطلاحات ذات رنين خاص وإن كانت جوفـاء وغير قابلـة للترجمة إلى واقع.
من أمثلة ذلك ما قالت به لجنة الطاقة والمياه والزراعة ضمن لجنة الحـوار الاقتصادي ، فقد أوصت الحكومة باعتماد سياسة (متوازنة) من أجل (تحفيز) إجراءات (ترشـيد) الطاقة: توازن ، تحفيز ، ترشـيد!!. ُترى ماذا تسـتطيع الحكومة أن تفعـل لتلبي هذه التوصية؟.
إلى جانب ذلك طالبت اللجنة بنشـر الوعي بثقافة الطاقة النووية والعوائد المترتبة على بناء محطات توليد الكهرباء النووية. ولا بد أن اللجنة تدرك أن نشر الوعي البيئي والاقتصادي من شأنه الحكم بالإعدام على مشروع الطاقة النووية ، وبدلاً من حديث اللجنة عن (العوائد) المترتبة على بناء محطات توليد الكهرباء النووية كان الأجـدى بها الحديث عن (المخاطر) المترتبة عليها ، والاتعاظ بما يجري في اليابان وألمانيا وأميركا.
لم تقـل اللجنة على ماذا اعتمدت في توصيتها بالاسـتمرار في مشروع إنشاء مفاعلات الطاقة النووية. هل أطلعت على دراسات جدوى اقتصادية وفنية وبيئيـة ، ولماذا لم تلتفت إلى عشـرات التقارير العلمية والفنيـة الصادرة عن جهات الاختصاص التي تدين هـذا المشروع ، خاصة بعد أن قـرر العالم المتحضر التخلي تدريجياً عن هـذا المصدر القـذر والخطر لتوليد الطاقة ، واللجوء إلى بدائل نظيفـة ومتجـددة ، متوفرة ورخيصة.
قراءة توصيات اللجنة تـدل على أنها تجميع لما أراد كل عضو صاحب أجنـدة أن يدس توصية تخـدم أجندته مقابل السماح للآخرين بادخال التوصيات التي تخدم أجنداتهـم. ( الراي )