عن الامة وديغول وفرانكشتاين

مع تواصل الثورة الشعبية العربية في كل مكان من المحيط الى الخليج - تتواصل التداعيات المختلفة في تنوع مركب من فيض الخاطر والشجون والامل حينا والقرف مما وصل اليه النظام الرسمي العربي حينا آخر:

1- فاما الابرز في المشهد العربي فهو ما يؤكد اننا امة واحدة وان الهويات والعصبيات الاقليمية والمذهبية تتوارى في لحظات النهوض الكبير.. وبدون ان يقول الشبان الشجعان في ميادين الثورة العربية, هنا وهناك انهم يدعون للوحدة والاتحاد السياسي ثمة وجدان واحد وثمة مطالب واحدة من الحكم الدستوري - الديمقراطي الى مكافحة الفساد ورفع يد الامن عن الحياة السياسية وكأنهم ينطقون بلسان واحد وصوت واحد..

ومن عجب الاشياء حقا ان النظام الرسمي العربي موحد ايضا ضد الشعب ويستخدمون الاساليب والالاعيب السياسية والاعلامية نفسها كأنهم على قلب حاكم واحد: الهرب من استحقاقات الاصلاح ومكافحة الفساد وسطوة الزوجات والابناء على المال العام والخاص والسلطة, الى اختراع اعداء خارجيين وتجييش الطوائف والمناطق والقبائل ضد بعضها.. واستخدام الزعران والبلطجية ووضع البلاد والعباد بين خيارين: بقاء الاستبداد والفساد والمزارع العائلية او تمزيق الدولة والتدخل الخارجي.

2- مقابل تمسك الزعماء بالكرسي وذبح الشبان وهم في عمر الورود في الشوارع لم يرتق اي من هؤلاء الرؤساء الى اخلاق ديغول واحساسه الرفيع بالمسؤولية ازاء شعبه مع فارق كبير آخر, هو ان ديغول الذي استقال من الرئاسة الفرنسية تجاوبا مع مظاهرة طلابية هو بطل المقاومة الفرنسية ومؤسس فرنسا المعاصرة والذي اخذ قرار الانسحاب من الجزائر ايضا.. اما عربان الكراسي وتاريخهم السياسي فمعروف للداني والقاصي.

3- اما الرؤساء العرب الذين لم يكتفوا بتغول ووحشية شرطتهم السياسية والسرية وصفقاتهم مع الشركات الخاصة الامنية من القتلة المأجورين, بل اطلقوا الزعران والبلطجية ضد الشبان في ميادين الاحتجاج والاعتصامات السلمية, فنذكرهم بحكاية فرانكشتاين ان كانوا قد سمعوا بها اصلا وملخصها ان عالما اخترع انسانا مسخا يشبه الزعران والبلطجية سرعان ما ارتد على صاحبه وهشم رأسه وقتله.
( العرب اليوم )