الأزمة العالمية والأزمة المحلية

جاءت الأزمة المالية والاقتصادية العالمية لتبرير جميع المشكلات والصعوبات الاقتصادية التي واجهت الأردن خلال 28 شهراً منذ خريف 2008 وحتى نهاية 2010 ، مع أن هذه المشكلات كانت في معظمها نتيجة سياسات محلية فاشلة.
نقـول للمرة الألف فيما يتعلق بالأردن فإن إيجابيات الأزمة العالمية فاقت سلبياتها ، فقد وفـّر الأردن خلال الفترة أكثر من مليار دولار في فاتورة البترول المستورد ، كما انخفضت أسـعار القمح والأعلاف والمواد الغذائية المستوردة ، وارتفعت أسعار الفوسفات والبوتاس ، ولم تنخفض المنح الخارجية الواردة للخزينة ، أو حوالات المغتربين ، أو المقبوضات السياحية ، ولم تتوقف تدفقات الاستثمارات العربية والأجنبية.
إذا صح أن الأزمة العالمية هي التي أثرت سـلباً على الاقتصاد الأردني ، فقد انتهت تلك الأزمة ، وتحول الاقتصاد العالمي إلى حالة من الانتعاش والنمو ، وارتفعت أسعار البترول والذهب والقمح والسكر والقهوة ، فهل يتحسن الاقتصاد الأردني! أم تزداد الصعوبات التي يواجهها ، لكي نعرف أخيراً بأن معظم صعوباتنا من صنع أيدينا.
لدينا الآن أزمة اقتصادية محلية بحتـه من صنع أيدينـا ، بـدأت في شهر شباط وما زالت مستمرة ، وتتمثل في الحراك الاجتماعي والسياسي وحركات الاعتصام والابتـزاز للحصول على مكاسب شخصية على حساب المصلحـة العامة في ظل دخان كثيف من تهم الفساد.
خلال ثلاثة أشـهر من هـذه الأزمة المحلية ، ارتفع عدد العاطلين عن العمل بمقدار 13 ألفاً ، وانخفض احتياطي البنك المركزي من العملات الأجنبية بمقدار مليار دولار ، وارتفع الدين العام بمعدل 200 مليون دينار شهرياً ، وزاد عجز الموازنة بمعدل 108 ملايين دينار شهرياً ، وانخفضت أسعار الأسـهم بمعدل 7% ، وهبطت أعـداد السياح القادمين والمقبوضات منهم بنسبة 5ر6% ، وعادت الدولرة إلى الارتفاع ، وتجمدت حركة الاسـتثمارات الواردة ، وتفاقـم العجز التجاري ، وارتفع عجز الحساب الجاري لميزان المدفوعات وارتفع حجم الديون المتعثـرة في ميزانيات البنوك ، وحققت دائرة مكافحة الفسـاد بأربعمائة اتهام بالفساد ، ولم يتم تحويل أحـد إلى المدعي العام بتهمة الافتـراء.
وإذا لم يكن كل هـذا كافياً فقد خفضت وكالات التصنيف الدولية منظـور الأردن المستقبلي من مستقر إلى سالب تمهيداً لتخفيض مرتبة مـلاءة الأردن الائتمانية. ( الراي )