«سيمفونية» حمزة منصور!

المدينة نيوز - ما أتحف به الشيخ حمزة منصور، لا فضَّ فوه, الأردنيين والعرب والإيرانيين إذْ قال لفضائية «العالم»، لصاحبها قاسم سليماني رئيس فيلق «القدس» في حراس الثورة الإيرانية :»الهدف من التعاون الأردني-السعودي هو محاصرة الثورات العربية» عبارة عن تجديد البيعة لـ»الولي الفقيه» وعرض حالٍ معيب للمزيد من استرضاء إيران وربما لتشجيعها على التوسع في التدخل في الشأن العربي الداخلي وبخاصة في الشأنين السوري واللبناني حيث هناك كل هذه الاحتجاجات الشعبية وحيث هناك مأزق المحكمة الدولية وتهديدات حزب الله التي دفعت البلاد إلى مشارف حرب مذهبية إن هي انفجرت لا سمح الله فإنها ستكون مدمـرة.
ولعل ما يبعث على التساؤل أن تصريحات الشيخ حمزة منصور هذه لفضائية «العالم» الإيرانية، التي قال فيها بانضمام الأردن إلى مجلس التعاون الخليجي أكثر مما قاله مالك في الخمر, قد جاءت بعد هجوم كلامي عنيف لعضو البرلمان الإيراني إسماعيل كوتري على هذا البلد واتهامه بعدم الاستجابة لمطالب مواطنيه :«لارتباطه بالولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل»!!.
والملاحظ أن حمزة منصور غدا في الآونة الأخيرة كـ«حنفية» منفلتة فهو يصرح ويواصل التصريحات في الليل والنهار ومع آذان الفجر والعشاء وهو تحول وللأسف إلى «اداة» لكل غاضبٍ على الدولة لأنها لم تعينه وزيراً ولأنها تجاوزته وأعطت الأولوية لغيره وهذه سياسة لا يشبهها إلا ما يسميه فلاحو بلادنا «التَّبعُّر» حيث يذهب المفلسون إلى مزارع الزيتون بعد قطاف أشجارها للبحث عن بعض الحبـات الساقطـة.
ربما أن الأردنيين بمعظمهم لا يعرفون أن مرض هذا «الانفلات» الكلامي الذي أصيب به حمزة منصور، الذي أكثر في الآونة الأخيرة من التغزل بـ»الثورات العربية» وهو لم يحاول الاقتراب في حياته من ثورة واحدة من هذه الثورات حتى بما في ذلك الثورة الفلسطينية التي عندما انطلقت في منتصف ستينات القرن الماضي كانت تنادي بتحرير كل ما اغتصب من فلسطين حتى بما في ذلك مرج ابن عامر وأطراف مرج ابن عامر, له سبب يعرفه الإخوان المسلمون تمام المعرفة وهو أن الأبواب الأردنية الرسمية الأساسية غدت كلها مغلقة في وجوههم بعد أن اعتقدوا أن مجاملتهم أكثر من اللزوم في البدايات هي علامة ضعف وان عليهم أن يواصلوا الضغط كي يحصلوا على مزيد من التنازلات ليظهروا وكأنهم يشكلون هذا البلد سياسياً كما يشاؤون.
أول انفتاح وعلى مستويات عليا كان على الإخوان المسلمين وأول حوار كان معهم وأول بوحٍ صريح بإشكالات ومشاكل هذا البلد كان إليهم وكان الاعتقاد أن هؤلاء سيتخذون الموقف الوطني الذي اتخذه ولا يزال يتخذه «إخوان» مصر تجاه بلدهم لكن ثبت أن هذا الاعتقاد لم يكن في محله وثبت أن لهؤلاء «موّالاً» آخر وأنهم اعتقدوا أن الدافع لفتح القلوب والأبواب أمامهم هو الضعف فلجأوا إلى التمادي في المواقف الاعتباطية وظنوا أن باستطاعتهم ليَّ ذراع الدولة وفرض توجهاتهم غير الأردنية على الأردنيين تحت وطأة الابتزاز والتخويف والتلويح بالقوة.
وحقيقة أن هذا دليل إفلاسٍ سياسي وأنه تعبيرٌ عن الشعور بالعُزلة، بلغة العقل الباطني, وحقيقة أيضاً أن علاقات إخواننا «إخوان» الأردن بإيران غير خافية منذ أن استطاع وكيل الإمام الخميني ومبعوثه إلى المنطقة، سوريا والأردن وفلسطين ولبنان, محمد حسن أختري جذب حركة «حماس»، على غرار ما كان الوضع عليه بالنسبة لحزب الله اللبناني, إلى المشروع الإيراني في الشرق الأوسط والإقليم كله فهذه المسألة معروفة والمعروف أيضاً أن شتم التعاون الأردني-السعودي وأن التنديد بانضمام الأردن إلى مجلس التعاون الخليجي هو من قبيل تجديد البيعة لـ»الولي الفقيه» ومن قبيل النفخ في قربة فسطاط الممانعة والمقاومة التي غدت مثقوبة وبلا ممانعة ولا مقاومة.(الرأي)