مع حماية المحتجين

يجب أن يظل طريقنا الى الاصلاح بمعناه الشامل والمتطور لبناء الدولة المدنية القائمة على أكتاف المؤسسات الخاضعة للقانون سالكة مهما كانت الكلفة وأن نفك ارتباطنا بالمراوحة في الخيارات ما بين خياري الاستقرار والاصلاح حتى لا يتوهم دعاة الاستقرار أنه يستمر أو يأتي بدون الاصلاح..
لقد جربنا أن نسير في طريق الاصلاح بجملة من الخطوات لكننا لم نحسم بعد خيارنا ان كنا معه حقيقة أم أننا ما زلنا نضع عيوننا على غيره من خيارات لا توصل أبداً..
نعم هناك من لا يريد لبرنامج الاصلاح أن ينجح أو يصل الى النتائج المقبولة..
للاصلاح كلفة وهو لا يأتي كهدية..إنه معاناة يفرضها التغيير والانتقال الى مرحلة جديدة فهل نحن على استعداد لدفع الكلفة؟ واذا كنا على استعداد لذلك فلماذا اطالة المخاض؟..
الاصلاح ليس نقيض الاستقرار ولا استقرار حقيقياًَ دون أن يكون ثمرة للاصلاح الحقيقي ومن يتحدثون عن استقرار آخر يعتقدونه فانما يقصدون الاستقرار الناتج عن الخوف والذي رأيناه يتصدع في عواصم عربية عديدة حين هبت عليها رياح التغيير واذا به يابس هش قابل للاشتعال ويخفي وراءه كمّاً من الفساد والتناقضات والخوف وعدم اليقين وغياب العدالة..
عشنا صورتين..في عنوانين خلال مرحلة واحدة صورة أن نقبل الاحتجاجات وان نمارسها وأن نحمي المحتجين ونسمع لهم وقد رأينا تجليات ذلك حين كان رجال الأمن يحرسون المسيرات ويقدمون الماء والخدمة للمشاركين فيها فينعكس ذلك على صورتنا في الخارج وقد تحدثت عن ذلك في مقابلة مع التلفزيون الكندي الذي احتفى بهذه الصورة التي ميزتنا عن غيرنا كدولة وشعب في التعامل مع المحتجين الذين تعاملت معهم عواصم أخرى بالعنف والرصاص فدفعت الثمن وما زالت تدفعه..
أما الصورة الاخرى في تجربتنا فهي صورة جرى فيها الاعتداء على المحتجين
يجب ان نكون مع الصورة الأولى...صورة حماية المحتجين وان نمكنهم من أن يمارسوا سلوكاً حضارياً سلمياً لانجاز المطالب العامة وأن لا ندفعهم الى العنف والجدران المغلقة لأن خلاف هذه الصورة تعني اننا في عقلنا الجمعي نريد أن نخفي شيئاً وأن نحمي صوراً ومواقف يطالها النقد والاحتجاج ويستهدفها الاصلاح..
لقد هز منظر ضرب الصحفيين صورتنا وخاصة في الخارج وكتبت في اليوم التالي صحف غربية أميركية وغير أميركية عن ذلك مظهرة أن تيار مقاومة الاصلاح يسيطر على الشارع الأردني وقد وصلت ردود الفعل على ضرب صحفيين أجانب في ساحة النخيل في عمان الى أن تصبح مضموناً لتصريحات مسؤولين ظلوا يشترطون ربط المساعدات بالاصلاح وظلوا يرون الأردن بلداً قادراً على انجاز برامجه الاصلاحية بكلفة أقل..
نحن بحاجة الى المراجعة السريعة لما حدث والتوقف عن أساليب الاعتذار التي تعقب الاحداث الى صيغة تضمن عدم وقوع الخطأ..كما أننا بحاجة الى توافق في القرار يسبق ممارسته حتى لا نظل ندور في خطابين وبرنامجين ونهجين ورؤيتين مما يستنزف مقدراتنا وصورتنا ويجعلنا نستمر في الوقوف حيث لا يجب ان نقف!!(الرأي)