هذا هو الخيار !!
الأردن رقم رئيسي في المعادلة الإيجابية لهذه المنطقة وهو ليس مكسر عصا وستثبت الأيام المقبلة ، القريبة وليس البعيدة ، ان الموقف الأردني تجاه القضية الفلسطينية وتجاه تمحورات هذه المنطقة وأيضاً بالنسبة لعلاقاته الدولية هو الموقف الصحيح وأن ثوابته بالنسبة لكل هذا راسخة وغير خاضعة لأمزجة الذين يتعربشون بقاطرة منحرفة عن الطريق الصحيح ومن الواضح ان نهايتها ستكون التدهور في واد من الأودية السحيقة .
كان الأردن قد أبرم معاهدة وادي عربة ، التي أصبحت قانوناً صادق عليه مجلس الأمة الذي هو الممثل للأردنيين وهو الناطق بلسانهم وليس أي جهة أخرى لا حزبية ولا نقابية ، لأنه أدرك بعد تجارب مكلفة ان الرياح العربية تجري في هذا الإتجاه ولأن مصالحه العليا تقتضي ذلك ولأنه لابد من تثبيت الحدود بينه وبين إسرائيل للتفرغ لإسناد الأشقاء الفلسطينيين في ان يقرروا مصيرهم بأنفسهم وأن يقيموا دولتهم المستقلة فوق ترابهم الوطني .. في الضفة الغربية وغزة .
لقد وافق الأردن على مبادرة السلام العربية وبقي يتمسك بها ورفض كل محاولات الإبتزاز التي تعرض لها كما تعرض لها معظم العرب لحمله على التراجع عنها لأنه ليس لدى الذين يطالبون بسحبها البديل الممكن ولأن التخلي عنها في هذا الوقت ، بينما هناك إدارة أميركية جديدة بَدَرَ عنها ما يبعث على الأمل بأن عملية السلام المتعثرة سوف توضع على سكة سالكة ، يعتبر انتحاراً سياسياً ونحراً للقضية الفلسطينية التي طال أمد حلها .
الآن هناك تحرك أميركي جديٌّ تجاه عملية السلام في الشرق الأوسط وبداية على المسار الفلسطيني ولعل من سمع ما قاله الرئيس باراك أوباما في مقابلته البالغة الأهمية والواضحة الدلائل لفضائية العربية تأكد من أن المراحل المقبلة ستشهد إنجازات حقيقية وأن تحركات العلاقات العامة السابقة قد ذهبت ولن تعود ... ثم وأن المعروف أن المبعوث الأميركي جورج ميتشل سيصل الى عمان التي هي محطة رئيسية في جولته الحالية التي ستتلوها جولات متلاحقة ومتقاربة يوم بعد غدٍ السبت .
ولهذا فإنه على الأشقاء الفلسطينيين ان يدركوا أبعاد ما حصل في غزة ولغزة وأن يعرفوا ان مدحلة العملية السلمية قادمة وأنها باتت قريبة وأنهم بالضرورة يجب ان يتحدوا على أساس برنامج الحد الأدنى .. إنهم يجب ان يتحدوا طوعاً إستجابة لمصلحة شعبهم وتطلعاته وذلك لأنهم إن هم لن يتحدوا طوعاً فإنهم سيتحدوا تحت ضغط واقع الحال التي ستسفر عنه تطورات الأيام المقبلة .
الخيار الأردني الذي يجري الحديث عنه على طريقة التغميس خارج الصحن هو عدم العودة لواقع ما قبل قرار قمة الرباط العربية في عام 1974 ولواقع ما قبل فك الإرتباط عام 1988 وهو الدولة الفلسطينية المستقلة في غزة والضفة الغربية وهو حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني فوق أرض وطنه .
لم تكن مبادرة السلام العربية ضرورية ومطلوبة ولازمة كما هي الآن وتصوروا لو ان قمة الكويت ذهبت في الإتجاهات التي أرادها البعض ولجأت الى سحب هذه المبادرة .. تصوروا لو ان العرب إستقبلوا الإدارة الأميركية الجديدة بأيدٍ فارغة وإستقبلوا جورج ميتشل بحيرة من ليس لديهم خيار الحرب وتخلوا عن خيار السلام .. تصوروا كيف ستكون الحالة العربية وكيف سيكون وضع الأشقاء الفلسطينيين لو ان هذا حصل بالفعل ؟! .
ليطمئن الراجفة قلوبهم والذين تؤرقهم وساوس كثيرة .. وأيضاً الذين في عيونهم زيغ .. إن الأردن قويٌّ ومتماسك وأن جبهته الداخلية متينة وأن تحالفاته صحيحة وأنه رقم رئيسي وصلب في معادلة حل أزمة الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية وأن خياره الذي لا خيار غيره في هذه المرحلة الحاسمة وفي المستقبل القريب والبعيد هو حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني فوق تراب وطنه وإقامة دولته المستقلة المنشودة في الضفة الغربية وغزة .
الرأي