ثوابت الدولة وخطوطها الحمراء
قبل أيام دعا جلالة الملك مجموعة من الشخصيات تمثل مختلف الأطياف السياسية والمدارس الفكرية والاقتصادية، واستمع إليهم لمدة ساعتين وهو تقليد تنفرد به القيادة الهاشمية. تحدث جلالة الملك في التحديات السياسية ، وتحدث الرئيس في الأوضاع الاقتصادية وتحدث مدير المخابرات العامة في الحالة الأمنية.
لم يكن متوقعاً أن يتحدث الحاضرون بنفس الاتجاه ، ولكن التركيز كان واضحاً على قوة الجبهة الداخلية، والحفاظ على هيبة الدولة ، والاستمرار بدعم الشعب الفلسطيني ، والوقوف على مساحة واحدة من الفرقاء الفلسطينيين، وحماية الديمقراطية من العبث ، وتأكيد ثوابت الدولة والخطوط الحمراء ، وسلامة الاقتصاد الوطني وحسن التعامل مع الأزمة العالمية.
عندما يلتقي جلالة الملك مع المبعوث الأميركي جـورج متشل في عمان ، وبعد أن يلتقي بالرئيس الأميركي الجديد باراك أوباما في واشنطن ويعود إلى عمان ، سوف نعرف ما إذا كان قيام دولة فلسطينية ذات سيادة في وقت قريب أمراً وارداً ، أم أن هذا الملف سيظل يمثل موضوعاً لمشاغلة الأطراف ، والتفاوض من أجل التفاوض دون نتائج إيجابية وحاسمة.
سيسمع جورج متشل في عمان أن الخيار الأردني غير مقبول ، وأن حل القضية الفلسطينية على حساب الأردن مرفوض بالمطلق ، وأن أية محاولة للضغط في هذا الاتجاه سوف تجابه بكل الوسائل المتاحة ، وأن لا حل سوى قيام الدولة الفلسطينية على الأرض الفلسطينية.
نفهم حسن نوايا الرئيس الأميركي ، ورغبته الصادقة في حل عادل للقضية الفلسطينية هو حل الدولتين ، مع ضمانات دولية لمبادلة الأرض بالسلام الدائم والأمن المتبادل.
لكنا ندرك سلفاً الصعوبات التي وضعها الفلسطينيون أنفسهم في طريق الحل عن طريق الانقسـام إلى سلطة وحكومة تصريف أعمال في الضفة وإمارة وحكومة مقالة في غزة ، كقوتين متنافستين ومتناحرتين قي ظل الاحتلال ، لا تستطيعان حسم الخلاف بينهما عن طريق الاحتكام إلى صناديق الاقتراع لانتخاب رئيس وبرلمان تنبثق عنه حكومة وحدة وطنية تمثل الشعب الفلسطيني ، في هذه المرحلة المصيرية ، ولا تدخل في مزايدة فارغة ولا مناقصة استسلامية.
بدون الوحدة الفلسطينية فإن العالم معذور إذا أدار ظهره للقضية ، وترك الحسم فيها ليتم بموجب موازين القوى ، بصرف النظر عن الحق والعدل.
الاستقطاب الفلسطيني أسهم في تقسيم العرب الى محورين، والنتيجة أن محصلة القوى العربية تظل قريبة من الصفر.
قبل أن يقبلنا العالم يجب أن نقبل بعضنا بعضاً.
الرأي