هجرة البنات الى عمان

تغيرت الدنيا،والبنت التي كان اهلها يقبلون ان تذهب الى جامعة في المحافظات،فتسكن وتعيش مع زميلاتها،وتعود كل اسبوع او شهر الى عمان،او اي محافظة اخرى،باتوا يقبلون لها ان تهجر مدينتها،وتأتي الى عمان من اجل وظيفة.
هذه ظاهرة جديدة،وبنات كثيرات يبحثن عن عمل،ويسكن اساساً في مدن الشمال والجنوب،ولايجدن اي وظيفة في تلك المناطق،بتن يبحثن عن وظائف في عمان،ويجدن في حالات كثيرة.
تسأل الواحدة منهن كيف ستترك محافظتها،واهلها لتعمل في عمان،فترد بالقول انها سوف تسكن في سكن جامعي،مع فتيات اخريات،وتجد اعدادا كبيرة منهن يسكن بالفعل في شقق مفروشة جامعية،ومعهن طالبات جامعيات.
القصة تقول لك ان التغييرات الاجتماعية في البلد باتت قوية جداً،الى الدرجة الى بتنا فيها جميعاً نغير من معاييرنا،فالاهل عموما يفضلون للبنت ان تدرس في ذات المدينة،وتعمل في ذات المدينة.
بدأ التغيير بارسال البنات للدراسة في جامعات في محافظات اخرى بعيدة عن منطقة السكن،وكن يسكن في سكن جامعي في ذات الجامعة،والبنت من عمان تذهب للدراسة من عمان الى اربد والكرك في جامعتي اليرموك ومؤتة.
جاءت المرحلة الثانية،اي اخراج السكن الجامعي،من داخل الحرم الجامعي،بحيث باتت الطالبات يستأجرن شققا مفروشة،او عادية كمجموعات مع بعضهن خارج الحرم الجامعي.
التغيير الثالث هو المفاجئ،فالاهل لدينا بات بعضهم لايمانع إرسال ابنته للعمل في محافظة اخرى،فتذهب الصبية التي تعيش في مدينة ما،الى عمان،وتجد عملا،وتسكن في سكن جامعي،وتعود كل اسبوع الى اهلها.
ارهاق البنت بهذه الحياة امر مؤسف جداً،فالبنت على وعيها وتعليمها،باتت متعبة ومرهقة جداً،فتنظر الى وجهها فلا تجد مسحة الهدوء والجمال،وتجد مكانها لعنة الطموحات والتطلعات والرغبات،فيتبدى الارهاق الشديد على وجهها.
سبب هذه التغيرات هو اهمال المحافظات،فلا فرص عمل فيها للشباب،ذكوراً او اناثاً،وهي محافظات مهملة ومغلقة،وكل المال يتم صبه على العاصمة عمان،التي تفيض بمن فيها،وباتت مثل عجوز مترهلة،بحاجة الى من يعينها على المشي.
من حق البنت الحصول على فرصة عمل،كما التعليم،غير انك تتأثر حين تضطر البنت لترك اهلها،فتغترب وتهاجر الى مدينة اخرى،من اجل مئتي دينار شهرياً،وتسكن في سكن جامعي،وهكذا انتجنا تغيراً خطيراً في حياتنا.
سياسات القبول في الجامعات جزء من المشكلة،فالتخصصات مفتوحة على مصراعيها،والمهم شهادة جامعية،ولاتخطيط للمستقبل،ولاارشاد للفرص،ولا لواقع سوق الوظائف.
محزنة قصة البنت في حياتنا،فهي كائن رقيق وحساس،لايخلو من عناد واصرار،لكنها تعاني بشدة من بحثها عن موقع تحت الشمس،فتصير حياتها كلها في سباق مع الزمن،حتى وصلنا مرحلة حملها اغراضها بعد التخرج والهجرة الى عمان من اجل وظيفة.(الدستور)