مصير موازنة 2011

تحتاج الموازنة العامة لسـنة 2011 إلى مراجعة ثانيـة لأخذ المتغيرات بالحساب. وفي الوقـت الذي كانت فيه وزارة المالية تتحـدث عن موازنة تأشـيرية لثلاث سنوات قادمة ، فإنها لا تسـتطيع أن تضع موازنة تصمد حتى نهاية السنة.
في مقابلته مع (الرأي) المنشورة يوم الثلاثاء في 19 تموز يعترف وزير المالية بان الإيرادات العامة ستكون أقل مما هو مقـدر في الموازنة ، وأن النفقـات العامة ستكون أكبر ، مما يعني أن العجز سيكون أكبر بكثير.
مع ذلك فإن لدى الوزير خطة لمواجهة هذا الواقع المر دون إحداث زيادة في العجز المالي ، ودون إصدار ملاحق جـديدة ، ودون فرض ضرائب جديـدة بل التوسـع في الإعفـاءات واستمرار في الدعم المكثف. وهي عملية تحتاج إلى سـاحر وليس إلى وزير مالية!.
خطة الوزير لتحقيق هذه التناقضات تقتضي أن يستمر دعم المحروقات والغاز والحبـوب والكهرباء إلى آخره دون أن تقـوم الوزارة بتسـديد التزاماتها تجاه المقاولين والموردين وشركة الكهرباء الوطنية ومصفاة البترول لدرجة أخذت تهـدد بالتوقف عن الإنتاج.
تأجيل دفع المستحقات يؤدي لإرباك الجهات ذات الحقوق غير المدفوعة لدرجة قد تدفعهـا للتوقف ، وفي نفس الوقت ينتج أرقام موازنة فعليـة لا تطابق الواقع ، لأن هناك نفقات بمئات الملايين من الدنانير غير مسددة وبالتالي لم تؤخذ بالحساب ولم تظهر ضمن النفقـات أو المديونية.
لكي تستمر الحكومة في سياسـة الدعم الحاليـة ، وتسديد أقساط قروض شركة الموارد وصندوق الاستثمار العسكري ، وإصدار كفالات لصالح مؤسسات عامة تحقق خسائر فادحـة لمجرد تأجيل الاعتراف بالخسائر ، فإن العجـز هذه السنة سيتجاوز 10% من الناتج المحلي الإجمالي ، وسترتفع المديونية بأكثر من 2 مليار من الدنانير ، وسيتم اختراق السـقف القانوني للمديونية ، ومن الطبيعي أن يرافق ذلك انخفاض في معدل النمو الاقتصادي ونزيف في العملة الأجنبية يضاعف عجز الحسـاب الجاري.
لا تحتاج الحكومة لمن ينبهها إلى الأخطار القادمة ، فهي تعرفها أكثر منا ، وإذا لم تتصرف الآن ، فلن تستطيع أن تفعل الكثير في نهاية السنة ، أما الظروف الاسـتثنائية فإنها تحتاج لإجراءات اسـتثنائية ، والوقت كالسيف....(الرأي)