التهافت (لناس وناس)

لا يوجد ما يثبت أن المسؤولين الذي يبادرون مع كل رمضان إلى دعوة المواطنين إلى عدم التهافت على شراء المواد الغذائية, لا يتهافتون هم أنفسهم.
بالطيع قد يجد المسؤولون مَنْ يتهافت نيابة عنهم, وخاصة بالنسبة للمسؤولين الكبار الذين لا يمارسون الشراء مباشرة من الأسواق, ولكن التهافت من حيث المبدأ حاصل عندهم, وبالتالي فإن تلك الدعوة تكاد تتحول إلى طقس فولكلوري رمضاني محدث.
التهافت في رمضان يعني اصطلاحاً الشراء الجماعي المسبق خلال يوم أو يومين للاحتياجات الغذائية المتوقع استهلاكها خلال فترة زمنية طويلة قد تصل في بعض السلع إلى شهر رمضان كله. فالدعوة إلى عدم التهافت لا تعني الدعوة إلى عدم الشراء أو التقليل منه, بل تقتصر على الدعوة إلى عدم حصره في مدة زمنية قصيرة موحدة هي الأيام التي تسبق رمضان مباشرة, ويؤكد ذلك أن التهافت في ظروف أخرى وأيام أخرى يسمى "انتعاشاً" في حركة السوق, ويعد ظاهرة مرحباً بها.
غير أن الظاهرة أكثر تعقيداً مما ورد, فالاستجابة لدعوة عدم التهافت تخص الفئة التي يستطيع منتسبوها توزيع وتنويع أوقات مشترياتهم, بينما هم قادرون على شرائها في وقت واحد, والمستجيبون لتلك الدعوة هم فقط من لا يشترون احتياجاتهم معاً من موقع الاقتدار على ذلك, أما فئة المواطنين الذين لا يتهافتون لأنهم لا يستطيعون التهافت, فهم حكماً غير مشمولين بتلك الدعوة حتى لو ظهروا وكأنهم يلبونها.(العرب اليوم)