التفكيك والمقاومة

في كتاب اصدرته عام 1997 عن دار الكنوز الادبية في بيروت تحت عنوان (الاقتصاد السياسي للكانتونات - انتحار دولة) توقفت عند سيناريوهات امريكية يهودية لتفكيك دول المنطقة وتفتيت مجتمعاتها واستبدالها بفدراليات وكانتونات طائفية وجهوية في اطار شرق اوسط (اسرائيلي) بدعم امريكي, ولفت الانتباه في هذا السياق الى ما ورد في كتاب رئيس وزراء الاردن الراحل, سعد جمعة (مجتمع الكراهية) الصادر عام ,1971 وما ورد في كتاب وزير المالية اللبناني الاسبق, جورج قرم (انفجار المشرق - والى السيناريو (الاسرائيلي) الذي قدمه الصحافي الصهيوني عوديد اونيون عام 1981 ويدعو فيه الى تفجير البلدان العربية الى كانتونات طائفية وجهوية تشمل الجميع (العراق وسورية ولبنان والسعودية والاردن ومصر والسودان وبلدان شمال افريقيا العربية).
وقد استندت السيناريوهات الامريكية - اليهودية الى اكثر من مدخل واداة أكدتها الوقائع لاحقا:-
1- التفكيك بالقوة والعدوان العسكري المباشر في حال فشلت الادوات والاساليب الاخرى كما حدث مع العراق الذي حوله الغزاة وحكوماتهم العميلة من دولة مركزية الى فدرالية طائفية كما جاء في السيناريوهات اليهودية..
2- التفكيك الناعم او (ديمقراطية التفكيك) والثورات الملونة عبر مثلث من نشطاء منظمات التمويل الاجنبي ومن الليبراليين المزعومين (يساريين او حرس قديم سابق) ومن الاسلام البرتقالي على الطريقة التركية, وبضمانة عسكر على الطريقة التركية والباكستانية..
3- كان ملاحظا في كل ذلك الاصابع اليهودية المباشرة, نوح الذي اعد الدستور الفدرالي العراقي بعد العدوان, وليفي الذي يعد الدستور الليبي الفدرالي الجديد, وجورج سوروس صاحب نظرية المجتمع المفتوح, الذي يعد الاب الروحي لمنظمات التمويل الاجنبي, وبيتر اكرمان وجين شارب فلاسفة الثورات الملونة.
4- وبين التفكيك بالقوة والتفكيك الناعم كان الخلط مقصودا بين المناخات والوقائع (الاستبداد والفساد) وبين الذرائع والتوظيفات فباسم الديمقراطية جرى العدوان على العراق وشحن الرأي العام, لكن العراق لم يصبح بلدا ديمقراطيا بل تحول الى فدرالية من القرون الوسطى, وهكذا, لن تشهد سورية ولا غيرها تحولات ديمقراطية كما يأمل الواهمون او المتورطون بل مناخات طائفية بانتظار يهودي آخر يعد لها دستورا فدراليا.
5- ذلك ان الدولة العربية رغم طابعها البوليسي الفاسد هي الناظم المركزي (الخارجي) لمجاميع طائفية وعشائرية لم تتحول بعد الى مجتمع مدني لا يمكن ان يتحقق إلا عبر الدولة القومية, رأسمالية أم اشتراكية..
6- بالمقابل فلا يقل خطرا عن الثورات الملونة وديمقراطية التفكيك الامريكية - اليهودية, العودة الى اوهام الدولة القطرية وبرنامج التحرر الوطني في اطارها الذي يعيد الجميع الى المربع الاول بخطاب يساري او ديمقراطي سيان..
ولا خيار آخر سوى استعادة خطاب المقاومة وثقافتها في اطار عام هو اطار الامة, وفي اطار خاص, هو استعادة روح المؤتمر الاول لكل بلدان الشام التاريخية. فحيث ترسم اليهودية العالمية حدود (اسرائيل الكبرى) عبر تفكيك المنطقة ودولها علينا ان نرسم حدود الهلال الخصيب في مواجهتها.(العرب اليوم)