حتى انت يا أوسلو!

بلد السلام يهزه الارهاب ونحمد الله ان الفاعل لا يحمل ملامح الشرق الأوسط ولم يعش فيه ولا يتحدث احدى لغاته أو يعتقد ما تعتقده الأغلبية فيه من دين..ولولا ذلك لرأينا العجب في وسائل الاعلام..
فقط ارهابي من تلك البلاد مارس الارهاب وقتل هذا العدد الكبير من الأبرياء (79 نفساً) لا لموقف من جوع أو بطالة أو انتهاك حقوق انسان وليس وراءه احتلال القدس أو تشريد أهل أو تعذيب على الرأي وربما لم يقرأ نصوصاً من تلك التي تدعو للتكفير..
انه نبت ارهابي يبرر ضجره وانفعاله من الحضارة الغربية وينتقم منها ونباتات الارهاب عديدة ولها بيئات مختلفة والذين ظلوا ينسبون الارهاب الى العرب فإنهم كانوا اما عنصريون أو يستفيدون من هذا التوظيف لأجندات سياسية ومشاريع وخطط بنوا فيها واستثمروا طويلاً دون أن تصحو مجتمعاتنا العربية والاسلامية بما يكفي لتكشف مخططاتهم..أو ترد عليهم بالحجج والحوار
في أوسلو حيث عمل الضمير الحضاري هناك على الدعوة من أجل السلام بين الشعوب فكانت مبادرة أوسلو للسلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين التي أطلق عليها اليمين الاسرائيلي النار وقتلها وما زال يدفن جثتها ويحملها مسؤولية أعماله.
من أوسلو المدينة والشعب والحضارة حمل سويدون أنفسهم للتطوع الذي هو جزء من عقيدتهم الاجتماعية وسيروا الفرق والمجموعات الانسانية للصليب الاحمر وقدموا الكثير من المساعدات لشعوب افريقية طحنها الجوع والمرض والحروب..
هذه الجثث المشوهة من عملية القتل التي صدمت النرويجيين وغيرهم ووقعت علينا جميعا وقوع الصاعقة ..هذه لا تليق بهكذا بلد مستقر شرعته حقوق الانسان ونظامه العدالة الاجتماعية والسياسية ويحرص على تداول السلطة ونظامه صناديق الانتخاب ويكرس تكافؤ الفرص..
ما جرى في أوسلو يؤكد أن الارهاب يمكن أن يكون عدمياً وأنه لا هوية له الا من عقيدة الارهاب وما يتفرع عنها وأنه لا لون له ولا بيئة محددة ولا التزاما سياسياً بعينه..
لقد عانينا في بلداننا هنا في الشرق الأوسط الارهاب وقد وجد البعض فيه أوبه مبررات يختبيء خلفها ولكنه ظل هو الارهاب الذي استثمرت فيه اسرائيل كثيراً ومارسته وتذرعت بانها ضحيته لتستمر في ممارسة عدوانها الارهابي الذي يبقي المنطقة برسم الثورة والاشتعال..ولذا فإنها وبمكانتها الاعلامية الجهنمية وانصارها خلطت الحابل بالنابل..
أشعر أكثر من أي وقت مضى بضرورة استنكار ما جرى في النرويج وشجبه والعمل على فضحه وادانته والوقوف الى جانب الشعب النرويجي الذي هو جزء من الأسرة الدولية التي كابدت الارهاب ودفعت ثمناً متزايداً..
شعوب العالم قبل أنظمته مطالبة بشجب الارهاب وادانته ومطالبته بوقف الاسباب والذرائع لبعض أشكاله حتى يصبح الارهاب الأعمى معزولاً ومداناً ومحاصراً..
لأرواح الضحايا كل الصلوات بان تستقر وتخلد ولذوي الضحايا كل العزاء من منطقة عانت شعوبها الارهاب ودفعت ثمنه وعرفت أشكاله..
والدعوة تتجدد لتحاصر كل الظواهر التي ينز منها الارهاب أو يتكون وهي دعوة صادقة لا بد أن تكون بعيدة عن تلك الدعوات التي ظلت تصدر من دوائر استعمارية اتخذت من الحرب على الارهاب في كثير من المواقع والمواقف صناعة ارهاب وخلطت حابل الامر بنابله..
كل العزاء لشعب النرويج الصديق المسالم ولتلك الامة التي سطرت في تاريخها المعاصر التزامها بالانسانية ودفاعها عنها وستجد ان عدالتها قادرة الان أن تحميها فالعدالة هي الميزان وهي القوة وهي القادرة على العمل مهما تعقدت الحال واستغلقت الأسباب فالله ينصر الدولة العادلة وان كانت كافرة ويهزم الدولة المسلمة إن كانت ظالمة كما يقول ابن تيمية..وفي ذلك حكمة حيث يتغلب العدل على الدين.(الرأي)