حرث الجمال !

حرث الجمال غير محمود لان ما يحرثه الجمل يعود ليلغيه بخفيه ولهذا يضرب في ذلك مثلاً حين تلغي الأشياء بعضها بعضاً ويبدو أن العمل الحكومي في مجال الاصلاح على أنواعه وما يقابله من حراك شعبي متعدد المصادر والشعارات.. يلغي بعضه بعضاً فلا الحراك الشعبي قادر على كسر الحلقة ولا الحكومة قادرة على اقناع منتقديها الذين يقولون أن اصلاحها بطيء وغير فاعل..
الحلقة مفرغة وما زال الوقوف في المربع الأول رغم ان الحكومة تقول انها تعمل وتعمل وأنها أنجزت وأنجزت والحراك الشعبي يخرج في كل يوم جمعة وينوع أشكال تظاهراته وأماكنها وحتى شعاراتها..
من يكسر الحلقة؟ وكيف يمكن بناء طرفي معادلة متفاعلين باتجاه ايجابي؟..
هل ما تم انجازه في لجنة الحوار الوطني ولجنة التعديلات الدستورية يكفي؟ أين النتائج الملوسة وانعكاساتها؟ هل نحن بحاجة الى المزيد من الوقت لنرى أم الى الجدية والقرارات الفاعلة وربطها بورشة الاصلاح وتوظيفها فيها..
واذا كانت التعديلات الدستورية هي الأهم لأنها الناظم والاطار للاصلاح والمحددة لانطلاقته وسقوفه.. فمتى يجري وضعها في اطار التغيير.. ما هي المدخلات المرغوب أن تكون مخرجاتها ملموسة ليقال ان الاصلاح قد تحقق.. وهل سننتقل بسرعة الى التنفيذ ومتى؟
ورغم الكلام الكثير والشعارات العديدة المرفوعة في حركات الاحتجاج الشعبية.. ورغم الوعود الحكومية واللجان التي انتهت والتي ما زالت لم تعلن قراراتها أو يجري اعلانها على حياد وبطء ودون تبشير كاف وموضوعي بقيمتها.. الا ان المحصلة ما زالت تتمثل في غياب الثقة بين الحكومة والشارع.. وما زالت المراوحة والتشكيك هي العناوين..
الشارع نفسه لم يعد على سوية واحدة في المطالبة بالاصلاح فهناك من زايد وهناك من ناقص.. هناك مزاج عام وهناك حراك شعبي والعلاقة بينهما لم تعد كما كانت فالمزاج الشعبي متقلب بين من يرى الاصلاح سياسياً وبين من يراه اقتصادياً.. وبين من يتحفظ على الاصلاح ويشكك فيه وبين من يريده أن يتحقق بسرعة وبوتائر عالية..
ما زالت الحكومة تراهن انها تستطيع أن تقدم اصلاحاً بأقل الكلف ودون خسارة لأي طرف وبطريقتها في المحددات الزمنية والكيفية وتبعاً لما هي مقتنعة به.. وفيها أطراف ترى أنه يمكن اتباع سياسة تفتيت القوى المطالبة بالاصلاح وتحييد بعضها وشراء البعض الآخر وانه يمكن بمزيد من الانفاق شراء المزيد من الوقت لمنع مواصلة الضغوط الشعبية.. ويبدو أننا ما زلنا في مرحلة أن كل طرف ما زال «يروز» الطرف الآخر ويحاول التعرف عليه أكثر.. بدل التعاون معه وفتح الحوار العميق الموصل..
لا ثقة بين طرفي الحكومة ومتنوعات الحراك الشعبي.. فالحكومة تعتقد أن الحراك ضعف وأن تعبيراته في التظاهر أيام الجمعة لا تكفي للدلالة على قوته وفاعليته خاصة وأن بعض أطرافه تستنكر فعل أطراف أخرى فيه أو لا تريد التنسيق معها أو الانضواء في اطارها والحراك من جانبه ما زال يتظاهر أنه موحد وفاعل.
الوقت الذي يمر ليس لصالح أحد وفيه نزيف للمقدرات الوطنية والمصلحة العامة العليا.. فالحكومة تريد الدفاع عن صورتها وتعميق دورها وتأكيد عملها سواء خدم ذلك مطالب الحراك أم لم يخدمها واستجاب للمطالب أم لم يستجب فهي ما زالت غير معنية بتحقيق ما يطالب به المتظاهرون لأنها ما زالت غير مقتنعة بها أو غير واثقة من أن هذه المطالب ستقف عند سقف معين سواء استجابت أم لم تستجب كما انها تعتقد في المعلن من خطابها ان الحراك مجير للاسلاميين وهم من يقفون خلفه..
هناك غياب للثقة بين الحكومة والحراك الشعبي مهما بدت المظاهر واولويات الحكومة هي في بقائها.. التقى ذلك مع الحراك أم لم يلتق واستجاب لمطالبه ام لم يستجب.. هناك ما هو أخطر من اقتسام المشكلة.. انه الوضع العام وما يتفاعل فيه.. الاصلاح لا يتعلق بالأردن وحده بل ان رياحه تهب في المنطقة وتقتلع استقرارها فهل نقرأ جيداً قبل فوات الأوان؟(الراي)