نحن وسقف المديونية الأميركية

سواء تم حل مشكلة سقف المديونية الأميركي أم لم يحل ، فإن السماء لن تسقط على الأرض هذا اليوم ، وهو الموعد الذي أثار رعب البعض.
من المرجح أن يصل الحزبان الجمهـوري والديمقراطي إلى حل وسـط يؤجل المشكلة حتى إشعار آخر ، وإذا لم يحصل ذلك ، فإن المشكلة التي جرى تضخيمها لأسـباب سياسية ستعود إلى حجمهـا الطبيعي: مسألة ماليـة خاضعة للسيطرة.
الحجـم الطبيعي للمشـكلة أن يتوقف نمو المديونية الأميركية ، وأن يتم تسـديد كل وجبة تستحق من سندات الخزينة باسـتدانة وجبة مماثلة من مديونية جديـدة، فالسداد لن يتوقف.
كل ما هنالك أن الحكومة المركزية سيكون عليها التصرف والإنفـاق بعـد الآن ضمن إيراداتها الجارية دون إحـداث عجز إضافـي في الموازنة يستوجب ارتفاعاً آخر في المديونيـة ، وهذا هو الأمر الطبيعي لأية حكومة تحترم نفسها، ولا تلتزم بإنفاق ما لا تملك من المال اعتمـاداً على أموال الدائنين.
هناك أيضاً نظـام الأولويات في الصرف ، فالحكومة تسـتطيع الاكتفاء بالضروريات وتأجيل الالتزام بغيرها إلى وقت آخـر عندما يتوفر التمويل.
الدرس الواجب أخـذه من هـذه الأزمة هو أن المديونيـة ليست كنزاً لا ينضب ، وعلى الحكومة أن تنفق المال ضمن مواردها وإمكانياتها الواقعية. وإذا كانت إيرادات هذه السـنة لا تكفـي لتغطية نفقاتها ، فهل ستكون إيرادات السـنوات القادمة فائضة عن الحاجة لتسـديد الديون السابقة ، أم أن نية السـداد غير واردة.
لا علاقة للاقتصاد الأردني بما حدث أو سيحدث في واشنطن ، سواء رفع سـقف المديونية أم لم يرفع ، فالأردن ليس من كبار المستثمرين في سندات الخزينة الأميركية ، كما أن حقـوق هؤلاء المستثمرين ليست في خطـر ، ولكن على وزارة الماليـة أن تأخذ السقف القانوني للمديونية الأردنية مأخذ الجد.
بهذه المناسبة ندعو لتحـديد سـقف المديونية بمبلغ محـدد وليس كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي الذي يخضع تحديـده للاجتهاد ، على أن يسمح برفع السقف سنوياً بنسـبة معدل التضخـم السنوي ، أي أن السقف يحدد القيمة الحقيقية لرصيد المديونية.
يبقى أن وزارة الماليـة تتجاهل المديونية قصيرة الأجـل تجاه الموردين إذا كانت مستحقة أو سوف تستحق خلال 12 شهراً ، علماً بأنها أكثر حساسـية وخطورة من الديون الطويلة الأجل.(الراي)