مأساة طلبتنا في الدول الذبيحة

ليس اشطر منا في اطلاق التصريح الاول دوماً،عند كل كارثة تقع في بلد عربي او اجنبي،اذ يخرج دوماً متحدث رسمي ليقول بعد انقلاب او حرب او زلزال،التصريح الشهير:الاردنيون بخير،حتى قبل ان تعرف تلك الدولة حال مواطنيها،فكيف بمواطنينا؟.
هذه علاقة غريبة،ليس فيها مسؤولية عامة،ولا ابوية،فالاف الطلبة الاردنيين في اليمن يقال لهم ان عليهم ان يعودوا الى اليمن الذي يتم قصف مطاره،واطلاق الصواريخ على شعبه واحيائه،ويراد للاردني ان يكون انتحارياً وشهيداً فيعود للدراسة الى اليمن.
الامر ذاته يتكرر مع طلاب الجامعات السورية،وعددهم بالالاف،وقد نجد انفسنا في اي لحظة امام ازمة كبرى،ولا تعرف لماذا لا يتم التخطيط للتعامل مع هذه الحالات،بأي وسيلة معقولة،تحفظ حق الطالب،وبشكل لا يؤثرعلى مستوى التعليم؟.
ذات الامر ينطبق على الطلبة الاردنيين في ليبيا،اذ عادوا ولا احد يعرف ماذا يفعلون،وينطبق على طلبة كثيرين عادوا من مصر،والملف مفتوح،بكل درجاته ومعانيه،وهكذا يتم السكوت على تدمير حياة الاف الطلاب وعائلاتهم.
ذريعة حكومتنا تقول ان هؤلاء ذهبوا بمعدلات اقل من المقبولة هنا،لدراسة تخصصات بحاجة الى معدلات اعلى،وان التخصصات في تلك الدول اضعف من حيث مستواها،مما في جامعاتنا من تعليم،ولذلك لا يصح قبولهم او معادلة موادهم!!.
هذا اعتراف خطير وضمني اننا تسمح بحصول الاردني على شهادات ضعيفة وملفقة في الخارج،والا كيف تسمح له بالخروج والدراسة وتعتمد شهادته،وحين يتعرض الى وضع مأساوي،يتم التذرع بضعف التعليم وعدم معادلة مواده وسنته!!.
ما ذنب العائلة الاردنية التي انفقت الاف مؤلفة من الدنانير على تعليم ابنها في احد هذه الدول،فتوقف تعليمه في السنة الثالثة او الرابعة،او حتى قبيل التخرج،وما ذنب الطالب الذي خسر مستقبله امام اوضاع لم تكن بالحسبان؟!.
المفارقة ان حكوماتنا تتدعي ان تعليم هذه الدول ضعيف،لكننا نعترف بشهاداتهم،بل نمنح اعترافات لشهادات من دول يشيع فيها بيع الشهادة،ولا نريد بالمقابل ان نعترف بمستوى الطالب في الجامعات العربية،في حال تقرر معادلة مواده ومساقاته؟!.
هذا ملف يثير الحزن في صدور الاف العائلات الاردنية،وهو ملف مفرود بين يدي اصحاب القرار،لانقاذ الاف الطلبة،في بلدنا،ممن تقطعت بهم السبل،وجلسوا في بيوتهم،وواجب الحكومة الوقوف الى جانب هؤلاء.(الدستور)