الجدوى الاقتصادية للمظاهرات

بحسب وزارة الداخلية, بلغت التكلفة الإجمالية للتجهيزات الأمنية المرافقة للمظاهرات خلال الأشهر السبعة الماضية 21 مليون دينار, ويشمل المبلغ تكاليف النقل والتزويد والتغذية لقوى الأمن إضافة إلى "أدوات شرطية بحت" كما جاء في الخبر.
علينا الانتباه إلى أن التكلفة المذكورة تقتصر على الجانب الأمني, بينما هناك جوانب أخرى للتكلفة لم تحسب: فالمظاهرات أدت -على سبيل المثال- إلى إجراء تغيير حكومي شامل لحكومة لم تكمل الشهرين من عمرها, وهذا الإجراء له تكاليف باهظة جزء منها يكون على شكل "تكلفة جارية" تشمل رواتب تقاعدية لعدد من الوزراء من "أبو الشهرين", كما أدت المظاهرات إلى تعديل وزاري له تكلفة على الحكومة الجديدة, ودفعت لتشكيل لجان وطنية كبرى واحدة للحوار السياسي وأخرى للاقتصادي وثالثة للدستوري, وهذه اللجان لها موازنات ومصاريف.
مالياً أدت المظاهرات إلى تجميد رفع أسعار المحروقات, كما فرضت إعادة النظر بالضرائب على كثير من السلع, واضطرت الحكومة بسبب المظاهرات إلى تقديم العديد من الإعفاءات المالية, وجميع هذه الإجراءات تعني حرماناً للخزينة من مال مؤكد.
هناك أيضاً تكاليف أخرى غير مباشرة ليس آخرها تكلفة الإنشاءات الجارية في دوار الداخلية بهدف منع التظاهر فيه, وهو منهج لو ساد فإنه سيفتح باباً لا يغلق.
ربما ترى الحكومة في ارتفاع تكلفة المظاهرات مبرراً كافياً لطلب وقفها, وهو طلب قد يكون مكلفاً بحد ذاته, بينما توجد طريقة أكثر سهولة تحقق الغاية نفسها تتمثل ببساطة في العمل على إلغاء أسباب ومبررات التظاهر.(العرب اليوم)