اختصاصات غير مطلوبة في السوق
بعض الجهات حسـنة النية تجهد نفسـها في دراسـة احتياجات السـوق لمختلف الاختصاصات لمساعدة الطلبـة المتوجهين للالتحاق بالجامعات في اختيار التخصصات المناسبة التي تلبي طلباً في سـوق العمل ، وتجنب الالتحاق بتخصصات فائضة عن الحاجـة.
هـذه الجهود تذهب عبثـاً ، ولا تحل محل التوجه العام ، سيظل الطلب شـديداً على الطب والهندسة طالما أن أصحابها يحظون بأعلـى الرواتب والعلاوات بالرغم من وجـود الفوائض. وهناك من يرغب في لقب دكتور أو مهندس لاعتبارات اجتماعية.
مما يؤخـذ على هذه المسوحات ، على فرض دقتهـا ، أنها تصف الواقع كما هو الآن ، ولا تقول شـيئاً عما سيكون عليه الحال بعـد خمس سـنوات فأكثر ، أي بعد تخرج الطالب ، وقد تختلف الصورة بشـكل جوهري.
من ناحية ثانية فإن سـوق العمل الأردني مفتوح على أسواق الخليج ، وهناك نسبة عالية من المهندسين والمعلمين والفنيين والإعلاميين والمدراء والعسكريين الأردنيين يعملون في بلدان الخليج ، أو يتطلعون للعمل فيها ، ولكن الدراسة لا تغطي هـذه الناحية ، وتفترض أن سـوق العمل الأردني مغلق.
من ناحية ثالثة فإن المفروض أن يتوجه الطالب إلى الاختصاص الذي يتناسب مع ميولـه ، فهو لا يدرس اختصاصاً غير مطابـق لميوله لوجـود طلب على أصحاب هذا الاختصاص ، بل يدرس العلـم الذي يستطيع أن يبـدع فيه ويتفوق.
وهنا نلاحظ بأن النجـاح بالمقياس الوظيفي والمالي لا يتوقف على نوع الاختصاص الجامعي ، فهناك محامون ناجحـون وأطباء فاشـلون ، ومحاسبون ناجحون وآخرون فاشلون.
ولا بد من الإقـرار بأن جانباً من الدراسة الجامعية له قيمة ذاتيـة حتى لو لم يمارس الخريج اختصاصه ، فهناك مهندسـون وصيادلة يحققون نجاحاً في مجال التسـويق. وخريجو زراعة ينجحـون في السياسة ، ولا ضرر في أن يكون سائق التاكسي جامعياً.
تحقيق الانسـجام بين مخرجات الجامعات ومدخلات سـوق العمل شعار جميل ومنطقي ، ولكنه ليس إنسـانياً ، فالناس ليسوا أرقاماً بل لهـم إرادة وميول. وفي السوق قامات عالية ووزراء لم يذهبون إلى الجامعات.
فيما عـدا الممرضين وأئمة المساجد فإن سوق العمل الأردني يشـكو من البطالة في معظم الاختصاصات ، وأطباء يعملون كمترجمين ، فهل نغلق معظم الكليات بحجـة أن السوق مشبع وليس بحاجـة للمزيد من الخريجين!!.(الراي)
