الحسين الراحل. .في ذمة التأليف!

لم ينصف الراحل الكبير الحسين بن طلال في الكتابة عنه وإعطائه حقه وهو باني الأردن وصاحب التحول به إلى دولة أخذت مكانتها في إقليمها وبين دول العالم..
لقد عكست جنازة الراحل الحسين المهيبة القدر العظيم الذي ظل يحظى به في نفوس قادة العالم الذين تقاطروا على عمان لحضور مراسم التشييع من مشارق الأرض ومغاربها ومن كل الاتجاهات السياسية والدينية ولم يلتق هذا العدد من القادة على تكريم زعيم كما التقوا على الحسين..
ما زال التأليف عن الراحل على المستوى الأردني والعربي قاصراً..وما زال الحسين صاحب الشخصية النافذة لم يوضح على الورق ولم يجسد في أوعية المعلومات والإعلام والفن كما يستحق..
بالصدفة كنت أتحدث عن هذه الشخصية الفذة أمام رجل الأعمال السيد نظمي أوجي رئيس المنظمة الانجليزية العربية والذي جرى تكريمه لدوره الإنساني متعدد الأوجه في أكثر من مناسبة وبأكثر من جائزة سواء في تبرعاته للجامعات أو لدور رعاية المعوقين أو لمشاريع خيرية عديدة في البلاد العربية وحتى في بريطانيا التي يتمتع فيها وبين شخصياتها الفاعلة بسمعة طيبة وتقدير عال...
كنا نحضر اجتماعاً هاماً للمنظمة الانجليزية العربية قبل عدة سنوات وقد كان الاجتماع كرّم الملك عبدالله الثاني ووضع تحت رعايته وحضرته شخصيات عربية وبريطانية هامة..يومها جرى بحث المزيد من التعاون وتقديم جرد بالانجازات للمنظمة النشيطة..
أمس الأول كنت التقي السيد أوجي بالصدفة فمد الي ورقة فيها اقتراح بعمل مسلسل تلفزيوني عن الملك الراحل شبيه بما أنتج عن عبد الناصر على أن يكون في مستوى أفضل وعلى درجة من الإتقان والإعداد بما يليق بالملك الراحل..
والسيد أوجي سيتوجه الى الديوان الملكي ولجهات عديدة أخرى يستعين بما لديها من معلومات وثائقية وأرشيفية ولمئات القصص والروايات والأحداث واللقاءات التي جمعت الملك الراحل مع العديد من الشخصيات الهامة والعادية البسيطة ممن عملوا معه لسنوات وعرفوا جوانب إنسانية عديدة في شخصيته..
لقد تحمست كثيراً للفكرة التي اعتقد أنها تأتي من رجل أحب الحسين حباً جماً والتقى به عدة مرات..وما أن يذكر الحسين أمامه حتى تدمع عيناه كما رأيته وأنا اتحدث معه عن كتابي الذي صدر عام 1992 تحت اسم «الملك الإنسان» والذي جمعت فيه من السنة من عرفوه أو رافقوه الكثير من القصص وأخرى مما نشر على فترات مختلفة ويومها وعدت أن يكون ذلك الجزء الأول على أن يتبعه الثاني ولكني ما زلت لم أف بالوعد وأتمنى أن استطيع ذلك..
أميز ما يسجله السيد نظمي للملك أنه صاحب نخوة لمن يعرف ولمن لا يعرف، لا يرد سائلاً ويغيث الملهوف ويقول لم أعرف إنسانا على هذا التواضع في موقعه مثله..ويروي كيف أقام استثماره في فندق رويال في عمان..حيث كان جمعه مؤتمر مع الرئيس بوش الأب وقد اطلع أوجي الرئيس بوش الذي كان خارج الإدارة على مشاريعه التي يريد إقامتها في الأردن لحبه للبلد وللملك فقال له بوش والرواية هنا للسيد أوجي..لكن كيف تستطيع ذلك انك مضطر لدفع الكثير من الرشاوي وستجد الكثيرين يريدون مشاركتك دون أن يدفعوا...فاستغرب أوجي الكلام وقال: هذا ليس صحيحا أبداً.. يقول: مضيت.. قدمت أوراقي لم يستغرق الأمر سوى أيام كان ذلك في زمن حكومة رئيس الوزراء الدكتور عبد السلام المجالي الأولى..وحين انتهيت تماماً التقيت الملك الحسين في لندن وكان قادماً في زيارة فأطلعته على استثماري في الأردن فقال هل أنت بحاجة الى المساعدة...هل واجهت عقبات..فقلت: لقد انهيت كل شيء وبأسرع مما أتصور ولا توجد مقارنة حتى مع أي دولة غربية متقدمة..فابتسم وقال: على بركة الله..
وودعني الى الشارع مما أحرجني جداً وقال لي أحب أن التقيك فقلت: لا لن أحضر طالما أنت تصر على الخروج هكذا وانتظار ضيوفك ليغادروا...روى لي السيد أوجي أكثر من أربع قصص عميقة الدلالة أدمع بها عيوني هذه المرة حين كان ما زال يمس بكفي يديه عينيه وأحسست أنني أضفت لما أعرف عن الراحل قصصاً أخرى كنت بحاجة لسماعها لتكون في الجزء الثاني من كتابي في حين رغب السيد نظمي ان أهديه الجزء الأول ليضيفه الى جهد كبير وهائل يحتاجه لانجاز هذا العمل العظيم الذي يحلم أن ينجزه ويموله تخليداً لهذا القائد العربي العظيم.(الراي)