خطوط حمراء في أميركا

منـذ بداية أزمة رفع سقف المديونية الأميركية ، وعناد الكونجرس ذي الأغلبية الجمهورية ، قـدم الرئيس الأميركي باراك أوباما عرضاً يمثل الحد الأقصى لما يمكن أن يـذهب إليه أي رئيس مسؤول وهو رفع سـقف المديونية مقابل التعهـد بتخفيض عجز الموازنة بمبلغ مماثل خلال عدد من السنوات. ماذا يريد الحزب الجمهوري أكثر من ذلك؟ ولماذا لم يوافق على هذه الصفقـة قبل أن تصل الأمور إلى حافة الكارثة.
لم يأتِ اعتراض زعماء الحزب الجمهوري على خطة أوباما من منطلق أن تخفيض العجـز لم يكن كافياً ، بل اعترضوا على وسـائل هذا التخفيض وكون زيادة الضرائب على الأغنياء تشكل جزءاً من حزمة الإجراءات المقترحة ، فالجمهوريون يريدون أن تقتصر الصفقة على تخفيض الإنفاق على المشاريع الاجتماعية كالتأمين الصحي والضمان الاجتماعي دون أية زيادة على الضرائب.
الحزب الجمهوري ، الذي دخل مؤخـراً مرحلة تطرف يميني غير مسبوق ، يريد أن يحمي من الضرائب مدراء صناديق التحوّط ، وأصحاب الطائرات الخاصة ، وشركات البترول والغاز التي تحقق أرباحـاً بالمليارات.
يقـول تحليل إخباري في مجلة نيشـن اليسارية أن الشركات المساهمة الأميركية كانت تسـهم بحوالي 6ر27% من إيرادات الخزينة في عام 1950 ، ولكن حصتها انخفضت تدريجيـاً لتصل على 9ر8% فقط في عام 2010 بفضل سياسة الإدارات الجمهورية التي سماها أحـد الحاملين لجائزة نوبل بأنها تمثل حكم 1% بواسطة 1% ، ولمصلحة 1% من الشعب الأميركي.
كيف يستطيع حزب كهذا أن يظفـر بأغلبية في مجلس النواب عن طريق انتخابات حرة ؟ الجـواب هو المال والإعلام ، فالمرشحون من الحزب الجمهوري يتلقون دعماً مالياً من الأغنيـاء والشركات الكبرى ، وبذلك يفـوز المال السياسي على المبادئ والمصالح الشعبية.
المعركة الأيدلوجية بين الحزب الجمهوري المتطرف باتجاه اليمين والحزب الديمقراطي المعتدل الذي يميل إلى الوسط ، تحولت إلى خطوط حمراء يرسمها كل فريق. الجمهوريون يقولون أن فرض ضرائب جديدة على الأغنياء والشركات خط أحمر ، والديمقراطيون يقولون أن تخفيض النفقات الاجتماعية وشبكات الأمان الخاصة بالفقراء خط أحمر.
السؤال كيف ستتقاطع هذه الخطوط الحمراء ، ولصالح من سيحسم الشعب الأميركي قراره في خريف العام القادم ، موعد الانتخابات العامة.(الراي)