الربيع العربي في نظر العالم

الثـورة العربية التي فاجأت العالم في مطلع هـذه السنة أثارت الإعجاب العالمي ، وحسـّنت صورة الإنسان العربي في نظر العالم ، وكان الاعتقاد السائد أن هـذا الحراك الشعبي العربي سوف يحقق الهدف المطلوب وهو الديمقراطية والكرامة وأن أنظمة الحكم الفاسـدة سوف تتساقط واحداً بعد الآخر كبيوت الورق.
للوهلـة الأولى فهم الغرب ما يجري في العالم العربي على أنه صورة طبق الأصل عما حـدث في أوروبا الشرقية عام 1989 عندما ثارت الشعوب المكبوتة فهدمت جدار برلين وأسـقطت الشيوعية في عقر دارها ، فلماذا لا تنجح الشـعوب العربية في إسقاط أنظمة القمع والفساد التي طال أمدهـا.
لكن الوقت أخـذ يمر دون أن تتحقـق نتائج ملموسة. وحتى في البلدان التي تم فيها تغييـر النظام ، لم تستطع الثـورة أن تفرز قادة سياسيين جـددا أو خطة عمل متكاملة بديلـة لما كان عليه الحال ، مما أفسـح المجال لقفـز بعض الجهات لركوب الموجـة ، وإدعاء قيادة التغيير مع أنها لم تسهم فيـه إلا في وقت متأخر وبعد سـقوط حاجز الخوف واتضاح بوادر النجاح.
يبدو واضحاً أن للغرب مصلحة حقيقيـة في نجاح الربيع العربي ، ليس فقط لأن الديمقراطية والحرية والشـفافية قيم إنسانية عامة ، بل أيضاً لأن الفشل سيكون له تداعيات خطيرة مثل تردي الأوضاع الاقتصادية والأمنية لدرجة تغمـر أوروبا بالمهاجرين غير المرغوب فيهم ، وتطلق يد المنظات المتطرفة والإرهابية ، ولا ننسى أهمية استمرار تدفق البترول دون عوائق.
في العالم العربي اسـتبداد سياسي ، وفسـاد مالي واقتصادي ، وبطالـة بين الشباب مرتفعة ، ودخول متدنية ، وتفاوت صارخ في الثـروة ، واضطهاد للمرأة. الثورة جاءت لتغيير هذا الواقع ، ولكنها لم تقـدم خارطة طريق لتحقيق الديمقراطية والنزاهة والنمو والعدالـة والمساواة.
يقول المحللون أن ما سوف تسفر عنه الأحداث في مصر وليبيـا سيقرر مصير الربيع العربي إيجاباً أو سـلباً ، فمصر دولة مركزية قائـدة ، وما يحدث في مصر اليوم سوف يحدث مثله في الدول العربية الأخرى غداً ، كما أن الحسـم في ليبيا سـيقرر ما إذا كان عنف الأنظمة يكفي لقمع الثـورة ، وما إذا كان التدخل الخارجي مطلوب لتحقيق النتائج.(الراي)