كليات المجتمع..»expired»!!

اعتذر عن استعمال الكلمة الانجليزية في العنوان والتي معناها انتهاء الصلاحية وهي أكثر ما تلزم للأدوية..
وإذا كان التعليم دواء من الجهل وتأهيلاً للواقع والمستقبل فان استمرار استعمال كليات المجتمع القائمة الان في معظمها هو نوع من تعاطي الدواء منتهي الصلاحية او المفعول إذ لا يكون نافعا وغالبا ما يكون ضارا أو معطلا للشفاء...
ادخل إلى هذه المقارنة مع الأدوية وانا أرى كيفية تعاطينا للتعليم العالي كوسيلة للنهوض والتغيير وبناء المجتمع الحديث وارى ان بعض وسائله المتمثلة في كليات المجتمع وخاصة تلك التي تدرس دراسة أكاديمية وتبتعد عن فلسفة كليات المجتمع وأهدافها في التعليم التقني وكسب المهارات... باتت في خانة «اكسبيرد» «expired»..
احترم رأي الدكتور وجيه عويس صاحب الخبرة والكياسة والحرص وارى ان طمأنته ان لا إغلاق لكليات المجتمع تأتي للرد على مضاعفات التصريح بإغلاقها... فالمريض يرفض الدواء بداية في كثير من الحالات ولكن لابد من تبصيره بأهميته ولذا فان إغلاق هذه الكليات بات ضروريا شرط طرح البديل وهذه هي مشكلتنا حين نعاني ظاهرة اجتماعية او اقتصادية وندرك إنها لم تعد تصلح فلا نعمل على إزالتها جماعيا بل نتركها تتفاقم ونذهب إلى غيرها في الواقع النظري دون طرح البديل العملي..
نعرف كيف بدأت كليات المجتمع فكرة علمية نبيلة لوقف تدفق الآف الطلاب في الثمانينيات على التعليم الجامعي الاكاديمي والتي ما لبثت ان تحولت إلى جامعات نظرية مقزمة لتعليم سطحي لمدة سنتين يجري تهريب الطلاب غير القادرين على دخول الجامعات لمعدلاتهم المتدنية او لعدم قدرتهم على دفع أقساط الجامعات. وبقيت هذه الكليات تتكاثر كالفطر وتزداد وفقدت الرقابة عليها وتملكها بداية متنفذون ما لبثوا ان حولوها بمط سنواتها إلى أربع وأكثر وإلى جامعات وحتى إلى دراسات عليا ودكتوراه!
نعم نحن بحاجة الى كليات تقنية ذات مستوى عال من التعليم والتدريب ومخرجاتها تقرر التدفق للتسجيل عليها حين يجد الخريجون سوقهم التي تطلبهم.اما ان تبقى كليات المجتمع تدرس لغة عربية على طريقة الجامعات التي يتخرج طلابها لا يعرفون اللغة العربية او حتى تدريس التاريخ والجغرافيا ومواد نظرية أخرى لا يدركون منها شيئا فتلك مأساة..
علينا ان ندرك انه ليس من الضرورة ان يكون كل الأردنيين المتخرجين من الثانوية طلابا جامعيين حتى مع ارتفاع معدلاتهم وان لا يتخطى عدد المقبولين في الجامعات 10% إلى 20% فقط وان تنصرف البقية إلى كليات تقنية مختلفة تماما عن هذه التي يجب إغلاقها. فالذين يصنعون ساعات الرولكس السويسرية هم من خريجي معاهد تقنية لسنة او سنتين وكذلك كثير من الصناعيين والزراعيين وعلى مختلف التخصصات..
فلماذا لا تتحول هذه الكليات إلى مراكز تدريب تتبع مؤسسة التدريب المهني وتفصل فيها التخصصات حسب حاجة المحافظة او المنطقة او السوق المحلية فالبيئة الزراعية تعلم الزراعة في ابسط معانيها وتطورها وبيئة الخدمات كالعاصمة تعلم الخدمات على أنواعها.. وأخرى تعلم المهن من حدادة ونجارة وبلاط حتى لانظل نرى في ورشنا وبيوتنا ومنشآتنا جنسيات أخرى تعمل ولا نجد أردنيين مهنيين مميزين قادرين. هل سألتم عن ذلك؟
اذكر قبل سنوات ان العاملين في المخابز في محافظة الطفيلة وهم مصريون قد اضربوا كان ذلك زمن حكومة الدكتور عبدالسلام المجالي فكان ان أرسل الخبز من عمان إلى الطفيلة... لماذا لا ندرب أبناءنا على كل المهن شريطة ان يتقنوها وتكون كليات المجتمع وسيلتهم لذلك..!!(الراي)