سقوط حلم انتظار المعجزة!

أعظم ما انجزه ربيع العرب، حتى الآن، هو تخلي الأجيال الجديدة عن «انتظار المعجزة»، وظهور منقذ أوحد على رأس ثورة عسكرية تطيح بالأنظمة الرجعية الفاسدة وتقيم حكم الشعب!!.
الأجيال الجديدة تخلت عن حلم انتظار المعجزة ونزلت إلى الشارع لتعلن باسم الشعب اسقاط النظام!!.
ما جرى في تونس وفي مصر.. هو النموذج، وحين قبل الثوار الشباب «بحماية» العسكر «للثورة» فإنهم بدأوا يدركون أن اسقاط حكم العسكر بعسكر جديد لن يغير إلا في تنظيف حكم فاسد لمصلحة حكم عسكري جديد!!.
ما جرى في ليبيا، وما يجري في اليمن ليس حالة مختلفة كلياً، .. ولكنها قطعاً مختلفة. فالقذافي لا يملك تأييداً شعبياً في طرابلس وما حولها، ولكنه يملك أموالاً لا تأكلها النيران.. وقد استطاع أن يحوّل ثورة الشباب السلمية إلى ثورة مسلحة، بحاجة إلى زمن، تماماً كثورة كاسترو وجيفارا في السيرا مايسترا، هذا بالإضافة إلى دم كثير .. وأوجاع وآلام الأمة الكوبية لعقود طويلة!!.
نظام اليمن نظام مختلف، وقد اثبت خروج زعيم حاشد «الأحمر» على نظام علي عبد الله صالح أن الرجل لم يكن يحكم بقبيلته، .. وإنما بالرموز التي لا ينكرها أحد في اليمن: القوات المسلحة، ووحدة اليمن، ونظامه الحزبي شبه الديمقراطي، في وجه الانفصالية الماركسية في الجنوب، والحوثية الزيدية في الشمال، وعشرات الأحزاب والقبائل.. وعلى رأسها حاشد وبكيل!!.
الشباب وثورتهم في اليمن، أصبحوا جزءاً من قوى ليست شبابية، وليست تقدمية، وتفهم التغيير فهماً مختلفاً. وهم بين تحالف الأحزاب، والعمل القبلي والطائفي سادة الشارع ولكنهم ليسوا كل الشارع!!.
الشباب المصري، كان أقوى من الوجه المدني لنظام حسني مبارك، ولكنه ليس أقوى من تحالف الجيش والاخوان المسلمين. رغم انه ما يزال سيد ميدان التحرير.. وقادراً على محاكمة رؤوس النظام وتهديد رؤوس الجيش!!.
الشباب التونسي وضع كل قوته لارعاب بن علي ونظامه لكنه غير قادر على السيطرة.. فالجيش وحزب بورقيبة ما يزالان قادرين على تنصيب حكومات تقمع التظاهرة.. وهي ما بقي للشباب!!.
المهم، أن الجيل الجديد خرج من حلم انتظار المعجزة التي تغيّر كل شيء.. وانتظار البطل الذي يملأ مسرح الأحداث، فإذا كان هناك تغيير فالشباب هم وحدهم القادرون عليه!!.(الراي)