هل بيعت الشركات بتراب المصاري ؟

بعض الحكماء بأثر رجعي ينتقدون عمليات التخاصية بادعاء أن الشركات بيعت بتراب المصاري ، ودليلهم على ذلك أن أسعار أسهم هذه الشركات ارتفعت في السوق بشكل شـاهق بعد البيع ، مما يدل في نظرهـم على أن المستثمر حصل على لقطـة!.
لم يخطر ببال هـؤلاء احتمال أن أسـعار أسـهم تلك الشـركات ما كانت سـترتفع لو بقيت تحت إدارة حكوميـة حيث يرأس مجلس إدارتها وزير متقـاعد ويديرها وكيل وزارة سـابق ، أعطيت لهما كجوائز ترضية ، وهما لا يعرفان عن دورهما في إدارة الشركات سـوى توقيع المراسلات والقـرارات وقبض المكافآت وبدل التنقلات.
في السوق المالي موجات هبوط وصعـود لا يعرف أحد متى تبدأ ومتى تنتهي ، وقد يكـون لذلك دور في ارتفاع سعر سهم ما أو انخفاضه انسـجاماً مع الاتجاه العام للأسـعار في السوق المالي.
ولكن السبب الرئيسي في ارتفاع أسعار أسهم الشركات التي تم تخصيصها يعود لحسـن إدارتها ، وتطوير أدائها فنيـاً بدلاً من أن تظل تكرر نفسـها ، فضلاً عن القدرة على تسويق إنتاجها في أسواق التصدير.
عند تخصيص شركة الإسمنت مثلاً كان سعر سـهمها في السوق 8ر1 دينار ، وانعقدت الصفقـة بسعر 6ر3 دينار للسـهم ، وكان أعلى سعر وصل إليه السهم قي تاريخه 4 دنانير ، وقد ارتفع بعد التخاصية إلى 5ر12 دينار ، فثار النقاد على سـعر البيع بأثر رجعـي ، ثم صمتوا عندما انخفض سـعر السهم الآن إلى 5ر2 دينار ، ولم يقل أحد أن الصفقة كانت رابحـة. علماً بأن الجزء المباع يقتصر على حصة الحكومة فقط التي تقل عن النصف.
ينطبق ذلك على شـركات البوتاس والفوسفات والاتصالات والفنادق ، إذ يفترض النقـاد أن هـذه الشركات كانت ستحقق كل هـذا التطور والنجاح لو بقيت مراكزها جوائـز للتوزيع على الوزراء السابقين والمدراء التقليدييـن.
الحكومة باعت حصصها بأسـعار كانت في حينه عادلة ، إلا أن عوائدها المباشرة وغير المباشرة من نشاط تلك الشركات زادت ولم تنقص ، وتحسنت المنتجات والخدمات واسـتفاد الجمهور.
بالمناسبة أسـهم البنوك والشركات الأردنية في بورصة عمان تتداول الآن بتراب المصاري. وإذا لم ينتهز المستثمر والمدخـر الأردني الفرصة فلا يجوز أن نتذمر في المسـتقبل.(الراي)