نجاح الاقتصاد الإسرائيلي

مر وقت كان الاقتصاد الإسرائيلي في أسوأ حالاته، فالنمو الحقيقي متدن، والتضخـم يزيد عن 400%، والعملة الإسـرائيلية تذوب من يـوم لآخر، وكان يقـال إن كل شيء في إسرائيل فاسـد باستثناء الجيش، فهو المؤسسة الوحيدة الباقية التي تتحقق فيها الكفـاءة والمساءلة.
الآن أصبح الاقتصاد الإسرائيلي في حالة ُيحسد عليها وآخر نسـبة نمو اقتصادي سجلت 9ر6%، وتشير التقديرات إلى أن النمو الحقيقـي في هذه السنة (2011) لن يقل عن 1ر5%، أما معـدل التضخـم فيتراوح حول 4ر2% ولن يتجـاوز 4% في نهاية السـنة. أما البطالـة فتتراوح حول 6% وهي من أدنى النسب في الدول الصناعية.
يذكر أيضاً أن الحساب الجاري لميزان المدفوعات الإسرائيلي سـجل فائضـاً بنسبة 2ر5% من الناتج المحلي الإجمالي بالرغم من أن إسـرائيل تسـتورد البترول. وكمؤشر على تعافي الاقتصاد الإسـرائيلي فقد ارتفعت قيمة العملة الإسرائيلية بنسـبة 4ر11% خلال 12 شهراً الماضية لتبلغ 41ر3 شاقل للدولار. أما عجز الموازنة الإسـرائيلية فيبلغ 8ر2% فقـط من الناتج المحلي الإجمالي بالرغم من تراجع المنح الأميركية.
إسرائيل ليست دولة نامية بالرغم من وجودها جغرافياً في الشرق الأوسط، فهي دولة صناعية متقدمة، وموقعها الاقتصادي والحضاري في مكان ما بين أوروبا وأميركا، وقد استفادت من اسـتقدام مهاجرين من الخبراء والمتخصصين الذين لم تتحمل كلفة تعليمهـم وتدريبهـم.
تسود في إسرائيل عقلية القلعة المغلقة وحالة الحصار، مما يجعلها تستشعر الخطر حتى وهي تملك أقـوى جيش في المنطقة واحتياطي كبيـر من القنابل الذرية. ويعتقـد قادة إسرائيل أن الشـعور بالخطر مفيـد ويجب المحافظة عليه، ولذلك تعرقل إسـرائيل عملية السلام، وتقاوم الانفتاح على المنطقـة خوفاً من الذوبان في البحر العربي. يكفي القول بأن فشـل التبادل التجاري بين الأردن وإسرائيل يعود في المقام الأول إلى قرار إسرائيلي منبثق من عقدة إسرائيل واستراتيجيتها الوجودية.
العامل الأول الذي يفسر نجاح إسـرائيل أولاً عسـكرياً ثم اقتصادياً هو المناخ الديمقراطي بالقـدر الذي يتعلق بالإسرائيليين، حتى بوجود نظام الفصل العنصري عندما يتعلق الأمر بالعرب تحت الاحتلال.
في إسرائيل يحاسـبون الكبار على أية شبهة فسـاد ويتساهلون مع فساد الصغار، وفي الجانب الآخر نحاسب الصغار على أية شبهة فسـاد ونتساهل أو نغض النظر عن فسـاد الكبار. (الراي)