تفرقهم السياسة ويوحدهم المنطق

على ما بين اطراف سياسية من خلافات حادة مثل الموقف من سورية, بعضهم مع بالمطلق, وبعضهم ضد بالمطلق, فان المنطق يوحدهم, كيف..
ابتداء, ينقسم المنطق بين منطق صوري لغوي استنباطي ينسب الى ارسطو ويتكون من مقدمتين ونتيجة (كل انسان فان, ارسطو انسان, وبالنتيجة ارسطو فان) وبين منطق رمزي رياضي حديث ينسب الى رسل (س=ص وص=ع والنتيجة س=ع).
وهنك المنطق التجريبي الاستقرائي المنسوب الى بيكون.. الخ وبالمقابل اسس هيغل منطقا مختلفا مغايرا للمنطق الصوري الميكانيكي هو المنطق الجدلي الذي عاد ماركس ووضعه على قدميه بعد ان كان واقفا على رأسه (المادي ملحقا بالمثالي).
المهم وبعيدا عن هذا الهذر الفلسفي فان الاطراف السياسية التي تتبادل الاقصاء والتكفير في موضوعات مختلفة بالمنطق الميكانيكي الثنائي (مع او ضد بالمطلق) تقف على ارضية واحدة من الزاوية المعرفية, الاخطر كثيرا من التباين السياسي والايديولوجي فالاولى تنتسب الى العقل الاستراتيجي والثانية تنتسب الى مفارقات عابرة.
وبقدر ما تختلف الاطراف المذكورة على المواقف السياسية, بقدر ما تتفق او يحكمها التواطؤ ضد وجهة نظر ثالثة تمثل المنطق الجدلي في الحقل السياسي كما في الحقل المعرفي.
ولو اخذنا الموقف من الشارع العربي عموما والشارع السوري خصوصا لوقفنا على الفرق بين المنطق الصوري الميكانيكي والمنطق الجدلي او الديالكتيكي فمقابل اعتبار ما يجري ثورة كاملة بالمطلق او ثورة مشبوهة بالمطلق, حسب المنطق الميكانيكي في شكله الصوري القديم عند ارسطو او في شكله الرياضي الحديث عن رسل, فان للمنطق الجدلي مقاربات اخرى تلحظ الاشياء على قاعدة الوحدة والصراع والعلاقة بين التناقض الرئيسي والثانوي في كل مرة, فتلحظ ان الشارع العربي كما الشارع السوري محصلة لصراع اطراف عديدة في الوقت نفسه, وان نتيجة الصراع لا تتحدد سلفا وفق مقدمات صورية مسبقة بل في قلب الشارع نفسه وحسب فن ادارة التحالفات والصراعات بدلالة تناقض اساسي لا ريب فيه.(العرب اليوم)